السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في الوقت الذي نحن مطالبون فيه بإبداع الوسائل اللازمة والموصلة للتأثير في الأفراد وجعلهم يتقبلون ويُقْبِلون على الاتحاد ويؤمنون بأهدافه ومبادئه وينسجمون مع إستراتجيته في العمل.. نجد في قوانين الاتحاد ما يشجع على عكس ذلك.. وإليكم بعض هذه الحالات..
الحالة الأولى/ حسب المواد 33، 42 و46 من القانون الأساسي.. والمواد 23، 27 و29 من النظام الداخلي.. فان هيئات الاتحاد ابتداء من الجمعية العامة البلدية أو الدائرية إلى المؤتمر مرورا بالجمعية العامة الولائية والمجلس الولائي والمجلس الوطني تتكون من:
- الأعضاء السابقين المنتهية عهدتهم في مختلف هيئات الاتحاد..
- الرؤساء الحاليين للمكاتب بحكم المنصب..
- مندوبون منتخبون عن القاعدة بمعدل (كذا) من المنخرطين..
كان من المفروض ـ أولا ـ أن يخضع جميع الأعضاء لحكم الصندوق.. حتى تكون هناك مساواة بين جميع إطارات الاتحاد.. وحتى تكون العضوية شرعية وغير مطعون فيها في هذا المجلس أو ذاك.. لكن وحسب المواد المذكورة أعلاه فانه يمكن أن ينال "الأعضاء السابقون" العضوية في مجالس الاتحاد "خارج مجال الصندوق"..!! رغم أنف القاعدة التي لم تجدد الثقة في هؤلاء..
وكان من المفروض ـ ثانيا ـ إلغاء أي تصنيف لأعضاء الاتحاد سواء حسب الأقدمية أو السن أو غير ذلك.. فهذه التصنيفات مع الزمن تتحول إلى طبقية تحجب حقائق (الأمانة والقوة) اللازمة للقيادة.. وتمنع الاتحاد من تجديد شبابه والتغذي بدماء جديدة وأجيال أوعى بالواقع.. وحتى لا تبقى القيادة حكرا على جيل (الحرس القديم) دون غيره، أو فئة معينة ترى نفسها وحدها أهلا لتحمل المسؤولية..
فدرجات السبق والعطاء والتضحية معروفة ولا تحتاج إلى تقنين يفرق أكثر مما يجمع.. فليس كل سابق مؤهلا للقيادة ولا كل متأخر قاصرا عنها..
إنه يجب المراهنة على (الأسلوب الديمقراطي) في تجديد أو تغيير القيادات.. الذي من أبرز عناوينه وسماته (الانتخاب هو الأصل في إسناد المسؤوليات) والتسليم بإرادة الناخبين واحترام حريتهم في الاختيار والقرار مهما كانت نتيجة هذا الانتخاب..
وما دام الأصل في تشكيل وتجديد هيئات الاتحاد هو الانتخاب، فلا ريب أن الجهات التي تنتخب ستتحرى (القوي الأمين)..
الحالة الثانية/ وهي الأعجب، فالمادة 46 من القانون الأساسي والتي تتكلم عن تشكيلة المجلس الوطني لم تكتف بشرط أن يكون المندوب الولائي المنتخب لعضوية المجلس الوطني ممثلا لـ 1000 مندوب على المستوى الولائي.. بل أضافت شروطا غريبة تتمثل في أن يكون هذا العضو عضوا في المكتب الولائي ثانيا، وأن يكون مستوفي ثلاث (03) سنوات على الأقل بهذه الصفة ثالثا..!!
وإذا أضفنا لهذه الشروط شرطا رابعا وهو ثلاث (03) سنوات أقدمية في المجلس الولائي حتى يحق الترشح لعضوية المكتب الولائي (المادة:07 البند:03 من النظام الداخلي) يصبح المجموع ست (06) سنوات أقدمية..!!
والأغرب، أن شرط ثلاث (03) سنوات على الأقل أقدمية في المكتب الولائي ليس مطلوبا في حق رئيس المكتب الولائي الذي هو عضوا آليا في المجلس الوطني بحكم المنصب..!!
وبتلك الشروط يصبح المسؤولون في هيئات الاتحاد ثلاث (03) درجات..!!
1/ مسؤولون من الدرجة الأولى (الحرس الثوري..!!).. وهم الأعضاء السابقون المنتهية عهدتهم على جميع المستويات..!!
2/ مسؤولون من الدرجة الثانية (قيادة الأركان..!!).. بحكم المنصب الذي يتولونه على الهيئة التي انتخبتهم والتي يرأسونها..!!
3/ مسؤولون من الدرجة الثالثة (زعماء القاعدة..!!).. وهم مندوبو القاعدة وممثلوها الذين يجب أن تتوفر فيهم شروط إضافية أخرى.. لأنه لا يكفي الانتخاب في حقهم حتى ينالوا شرعية العضوية في هيئات الاتحاد..!!
إن هذا التشدد في شروط الترشح داخل هيئات الاتحاد واشتراط فترة من الزمن لترقية الأعضاء في السلم القيادي هو ـ أولا ـ تكلف وتعقيد وحجر على العاملين وإبقاء على المتثاقلين وإغراء الأتباع بالتمرد على مؤسسات الاتحاد نظرا لسد المنافذ وإغلاق المسالك السلمية للصعود إليها والنزول منها.. وفي ذلك من الأخطار على الاتحاد ما فيه..
ثم هو ـ ثانيا ـ قضاء على مبدأ (المرونة في التنظيم) وتعارض مع مبدأ (كل الأعضاء متساوون أمام القانون الأساسي والنظام الداخلي).. وطعن في مبدأ (العدالة في إسناد المسؤوليات).. ونسف لحق (الترشح والانتخاب في جميع هيئات الاتحاد) مكفول لجميع المنخرطين..!!
الحالة الثالثة/ من الناحية المبدئية، كل من لا يلتزم بدفع الاشتراكات يعتبر مثل الذي يَعتدي على أموال وممتلكات الاتحاد.. فكلاهما مختلس للأموال وجب معاقبته أشد العقوبات وهو الإقصاء من صفوف الاتحاد..
لكن العجب كل العجب، عندما تتم "المساواة" بين المتغيب مرتان (02) لأعضاء المجالس وثلاث (03) مرات لأعضاء المكاتب.. مع المختلس والمبدد لأموال وممتلكات الاتحاد (المادة 04 البند01 و04 من النظام الداخلي)..!! واعتبار كل ذلك مخالفة من الدرجة الثالثة (المادة 19 البند 05 من النظام الداخلي) وجب أن يتعرض كلاهما (المتغيب والمختلس) للإقصاء من صفوف الاتحاد..!!
وأخيرا/ إن إرساء (دعائم الديمقراطية) مثلما جاء في المادة 62 من القانون الأساسي للاتحاد.. لا يكون بالتشدد في شروط الترشح في مؤسسات الاتحاد.. ولا في تشديد العقوبة ضد المخالفين.. وإنما يكون بـ (السماحة واللين في القوانين والمساواة والعدل بين المنخرطين)..
كما أن باب الترشح على المناصب القيادية وعلى جميع المستويات يجب أن يكون مفتوحا للجميع وعدم الاقتصار على إعادة انتخاب فئة معينة.. فالأمر عندئذ يكون صوريا..
فلا يعقل مثلا، أن بعض أعضاء المجلس الوطني صالحين وآخرين غير صالحين للترشح لعضوية المكتب الوطني أو المكتب الجهوي..!! ونفس الشيء يقال عن أعضاء المجلس الولائي الذين بعضهم مؤهل لعضوية المكتب الولائي وحتى لعضوية المجلس الوطني.. والباقي غير مؤهلين لذلك..!! وكأنهم لم يبلغوا سن الرشد أو أنهم وضعوا للديكور فقط..!!
إن فتح باب الترشح أمام جميع أعضاء هيئات الاتحاد على جميع المستويات يضمن الاحتفاظ بخيار تغيير القادة إذا تبين أنهم لم يعودوا مناسبين لسبب أو لآخر..
فالأمر يجب أن يترك فقط لتقدير الناخبين لما في ذلك من مغزى من حيث أن الاختيار يكون أقرب إلى الحرية إلا من المسؤولية أمام الله.. ومن حيث دلالة النتيجة على ثبات الثقة في كفاءة المسؤول المتصلة أو تناقصها وفي ذلك إيحاء له وللناخبين..
إن هذه المرونة في الصعود إلى مناصب القيادة أو النزول عنها ضمانة لصدق التمثيل وشرعية النيابة عن القاعدة..