* مهارات يحتاج إليها المربي في التعامل مع الطفل العنيد:
1- الثقة في الله وحسن التوكل عليه والاستعانة به
هذا مما لا شك فيه ولا ريب، فكل شيء بيد الله والكون كله كان بكلمة الله، والقلوب أصابعها بيد الرحمن، وهداية الخلق بمشيئته، فيجب على المربي أن يعتمد قلبه على ربه عز وجل مع الأخذ بالأسباب والاجتهاد في التوجيه بالأساليب الصحيحة فلو فقد الاعتامد على الله ضل، ولو فقه الأخذ بالأسباب كان كسولا بليدا متواكلا، وعلى المربي أن يلح في الدعاء ويفوض أمره إلى الله تعالى مستعينا به واثقا في رحمته بعبده الضعيف، متخليا عن ثقته في حوله وذكائه وقوته وحسن تصرفه موكلا الحول لله جل في علاه مرددا بلسان حاله ومقاله: لا حول لي ولا قوة إلا بك يارب، النعمة منك وإليك والتوفيق كله بيديك سبحانك لا رب ولا معبود لي إلا أنت.
2- التواصل العاطفي وتقدير الطفل:
مثل أي إنسان طبيعي يحتاج الطفل، خاصة العنيد ، إلى الاحتواء العاطفي من الكبار، كما يحتاج وبشدة إلى الحصول على جرعات عالية من التقدير والتفهم، فإن عدم التقدير والاحترام للطفل العنيد يزيد من ممارسته للضغوط الاستفزازية التي يجيدها بمهارة، ويمكن للمربي أن يذكر نفسه دائما باستخدام الألفاظ التشجيعية بلا إفراط أو تفريط، لأن الطفل العنيد ذكي جدا والمبالغة ستشعره بالمهانة وأن هذا المربي يحاول أن يطبق تعليمات الكتاب!
غير أنه قد يبدو للمربي أن الطفل العنيد لا يتأثر بكلماته ولا يوجد لها صدى لديه، وهذا غير صحيح، فالطفل العنيد يتأثر جدا بالكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة ، ويرتبط جدا بالمربي الذي يظهر له التقدير والاحترام ويظل صداها في قلبه حتى ولو لم يظهر أثر ذلك في الحال.
ومن ألطف الوسائل التي يحصل بها المربي على نقاط لدى المتربي، هو مدحه بصورة عفوية كأنه لا يقصد أن يسمعه، كأن يكون المتربي في غرفته أو منشغلا بشيء ما، فيتحدث المربي مع شخص أخر بمدح الطفل بصوت يسمعه بصورة عفوية غير مقصودة، عندها تتحول أذن المتربي لرادار حساس ويلتقط كل ما يقال في شأنه مع شعور بالزهو والسعادة والانفتاح العاطفي مع هذا المربي.
كذلك فإن ملاحظة المربي للعمل الصغير الذي يقوم به الطفل، ومدح أي تطور أو تغير إيجابي يظهر على سلوكه يعد من قبيل التواصل العاطفي الهام جدا بين المربي والمتربي.
مع التنبيه أنه لا يصح من المربي أن يتلفظ بألفاظ نابية أو يتنقص من قدر المتربين، لأن هذا يقطع حبال الود والاتصال العاطفي بينهم.
3- ضبط النفس
كما ذكرنا من قبل ، الطفل العنيد يبدو وكأنه لا يتأثر بغضب الكبار ولا يفزعه صراخهم في وجهه، فما هي إلا لحظات وتهدأ نفسه ويتحدث كأن شيئا لم يكن، وفي حين يستعر الكبار بنيران الغضب، نجد الطفل مبتسما ببراءة وكأنه كان يأكل وجبة من الحلوى.
فالصدام مع هذا النوع من الشخصيات لا يسبب سوى الإحباط والشعور بالعجز لدى المربي، ومن ثم فالأفضل أن يتمالك أعصابه، ورغم صعوبة هذا في الواقع إلا أنه بالاستعانة بالله تعالى، وبتفكير المربي أن هذا الطفل يريد استفزازه وأنه سينتصر في معركة السيطرة، وإدارة هذا الحديث النفسي كأن يحدث نفسه قائلا:"إنني قادر بإذن الله على السيطرة على الموقف، إنه طفل ذكي ويحتاج لمعاملة خاصة".
وبثقة المربي في أهمية ترك الصدام إلا في الحالات التي يكون فيها مستعدا لذلك، فإنه يتمكن من إدارة الموقف بإذن الله.
كذلك ينبغي أن يلاحظ المربي أن الطفل العنيد يتمكن من ملاحظة انخفاض طاقة المربي النفسية فيزيد في الاستفزاز في الفترات التي يكون فيها المربي غير مستعد للمواجهة، فعلى المربي في هذه الحالة أن يدعم نفسه من الداخل، بالدعاء وباليقين وبحديث النفس الإيجابي، فيذكر نفسه أنه قادر على إدارة الموقف بإذن الله تعالى، كذلك عليه ألا يجعل المشاكل والاحباطات الشخصية تؤثر عليه أثناء تفاعله مع الطفل.
4- الصبر والثقة:
إن التربية بصفة عامة هي عملية تفاعلية إنسانية وليست مجرد عملية إلكترونية تتم بطريقة آلية، لهذا فهي تحتاج للصبر والمثابرة عليها وعدم تعجل النتائج، أما التعامل مع الطفل العنيد فهو يحتاج إلى قناطير من الصبر وعدم تعجل النتائج بأي صورة، مع الثقة في الله ثم الثقة في استخدام التقنيات التي يختارها المربي والثبات عليها، ذلك أن الطفل العنيد سيقاوم عملية انتقال السلطة إلى المربي، وسيبدأ الوضع يتفاقم في البداية، فيزداد العناد والضغط العاطفي والسلوك الاستفزازي، لكي يدفع المربي لفقدان أعصابه ومن ثمّ يعجز عن استكمال الخطة التربوية التي بدأها وتعود السلطة للطفل.
في حين أن صبر المربي وتمالكه لأعصابه وثقته في قدرته على إدارة الموقف يجعل الطفل يدرك حدوده وحجم سلطاته الحقيقية.
ومن أهم الأمور التي ينبغي للمربي أن يعلمها في هذا المقام أن الطفل في الواقع يحتاج للشعور بأن الكبار يديرون الموقف، ويشعر بالأمان أكثر بذلك، فيصبر المربي على الحزن والضيق الذي يظهر على الطفل في بداية تطبيقه لتقنيات التربية والتعامل مع العناد، وسيتفاجأ المربي عندما يرى الطفل أكثر تفاعلا وسعادة وأكثر قدرة على التعاون من ذي قبل.
5- توفير الوقت للعب مع الطفل:
إن علماء التربية يجمعون اليوم على أهمية الألعاب بالنسبة للأطفال للمساعدة في تنمية قدراتهم وحواسهم، والمشاركة مع الطفل العنيد في الألعاب لا تساهم فقط في تنمية وتوجيه ذكاء الطفل الحاد، بل كذلك تخلق نوعا من التفاعل الودي بين المربي والطفل، مما يجعل المربي أكثر قربا، ويجعل كلمته لها أهمية حيث يشعر الطفل عند استفزاز هذا المربي أنه سيفقد ميزة هامة وهي علاقته مع هذا المربي.
ونوجه عناية المربين لاختيار نوعيات الألعاب التي تنمي المهارات المختلفة، فيختار ألعاب الفك والتركيب وألعاب التكوين (البازل) وألعاب الذاكرة وأمثال هذه الألعاب التي يشترك فيها أكثر من حاسة بحيث تثير اهتمام الطفل وتفرغ طاقاته السلبية.
كذلك من المهم جدا أن يوفر المربي وقت يتابع فيه الطفل أثناء اللعب مظهرا اهتمامه بما يفعل مع التعليق بعبارات مشجعة تظهر تقدير المربي للطفل، ونشير إلى أن مجرد ذكر المربي لما يفعله الصغير بصوت مثير مثلما يفعل معلقوا كرة القدم ، يعد نوعا من التقدير الذي يسعد الطفل.