يا عجباً كلّ العجب ! عجبٌ يميتُ القلب ويشغل الفهم ويُكثر الأحزانَ من تضافر هؤلاء القوم على باطِلهم ، وفشَلِكم عن حقّكم ، حتّى أصبحتم غرَضاً تُرْمَونَ ولا تَرمُون ، ويُغارُ عليكم ولا تُغيرونَ ، ويُعصى الله عزّ وجلّ فيكم وترْضَون ، إذا قلتُ لكم : اغزوهم في الشّتاء قلتم : هذا أوانُ قُرّ وصِرّ ، وإن قلتُ : اغزوهم في الصّيف قلتم : هذه حمّارة القَيْظ أنْظِرنا ينصرم الحرُّ عنّا ، فإذا كنتم من الحرّ والبرد تفرّون ، فأنتم والله من السّيف أفرّ ، يا أشباهَ الرّجال ولا رجال ! يا طَغامَ الأحلام ، ويا عقول ربّات الحِجال ، والله لقد أفسدتم عليّ رأيي بالعِصيان ، ولقد ملأتم جوفي غيظاً ، حتى قالت قُريشٌ : ابن أبي طالب رجلٌ شُجاع ، ولكن لا رأيَ له في الحرب ، لله درّهم ، ومن ذا يكون أعلم بها منّي أو أشدّ لها مراساً ! فوالله لقد نَهَضْتُ فيها وما بلغتُ العشرين ، ولقد نيّفتُ اليومَ على السّتين ، ولكن لا رأيَ لمن لا يُطاع ، يقولها ثلاثاً .