إن المرسوم التنفيذي 315-08 أخلّ بوظيفته التي تمّ تشريعه من أجلها وهي تحسين الوضع المهني والمادي للموظفين، ويبرز هذا في انقلابه على القانون90 -49
ناهيك عن مخالفته الصارخة لفحوى وجوهر القانون الأساسي للوظيفة العمومية، وكذا القانون التوجيهي للتربية الوطنية في كثير من المسائل كالتصنيف والترفية والرتب...
لكن المتأمل في كل هذه المخالفات سيتوصل إلى حقيقة مُرّة تكاد تشكل الاستثناء...
وهي أن الابتدائي بمختلف أسلاكه كان الضحية الأكبر لهذه الانتهاكات والمخالفات.
1- معلم المدرسة الابتدائية كان في السلم:13/02 فصار في الصنف:10 لقد ناله بهذا إجحاف عظيم، ولم يُعط حقه الأوفى، لأن الذين أصدروا القانون المجحف هم إما جهلة أو يحركهم الانتقام أو يريدون زرع الإحباط... ألا يعلمون ما يكابد المعلم من صبابة وما يؤديه من جليل الأدوار...؟ إن المعلم يِؤدي عملا يفوق عمل أي مدرس آخر، وبحجم ساعي أسبوعي يفوق 30 ساعة،يدرس 08 مواد تعليمية نهارا، ويقوم بتحضيرها ليلاً، زيادة على دوره البيداغوجي والتربوي هو مساعد تربوي في نفس الوقت: يدخل التلاميذ إلى المؤسسة صباحا في الساعة07 و50د ومساء في الساعة 12و50د ، ويقوم بمراسيم رفع العلم، يحرس التلاميذ في الساحة والمطعم ، ويراقب مواظبتهم،يصحح أعمال التلاميذ ،يحرس الاختبارات، يملأ الكشوف بالعلامات،يقوم بالدعم المدرسي دون مقابل،وينشط حصص النشاطات اللاصفية ، يرافق التلاميذ خلال المنافسات الرياضية والثقافية... هل يساويه مدرس آخر؟
مَن منْ مختلف أسلاك التربية أكثر توثيقا في المجال البيداغوجي من معلم الابتدائي؟ لا يوجد إطلاقا...
لأنه يحضر 08 مذكرات للدروس يوميا، يزين القسم بمختلف الوثائق والصور والأشكال التي يشتريها من حسابه الخاص، كذلك هو أكثر الموظفين من حيث المعلقات البيداغوجية ولا يتسع المقام لذكرها نظرا لكثرتها...إضافة إلى مختلف السجلات والكراسات التنظيمية الشخصية والبطاقات التي يلزم بمسكها... ناهيك عن الحوليات والكتب المكملة التي يشتريها في إطار الثقافة المهنية التي تقتضيها المقاربة التدريسية الجديدة، ودون نسيان الوسائل التي يشتريها من جيبه لأن المدرسة الابتدائية التابعة للوصاية البلدية لا تستطيع توفيرها، نفس الشيء السواد الأعظم منهم ينفق من راتبه لشراء الجوائز للمتفوقين من تلاميذه ،لأن جمعيات أولياء التلاميذ غير موجود ة ، والكل يعلم بهذا الواقع المر الذي تتخبط فيه الابتدائيات!
بربكم !هل هذا المعلم المسكين يصنف في الصنف10 ، وكيف تعطى لمعلم الابتدائي أضعف نسبة لمنحة التوثيق البيداغوجي، وهو أكثر توثيقا وبلا منازع بين جميع المدرسين على اختلاف مشاربهم ؟؟؟؟؟ ولماذا تم استثناؤه من الترقية الداخلية كمسؤول القسم, المعلم المنسق، معلم المواد الأدبية... مثلما هو الحال في المتوسط والثانوي؟ كيف تتغافل النقابات المستقلة عن هذا؟ بل لماذا تتباكى على المساعد التربوي وتطالب بأن يمنح هو أيضا التصنيف 10 رغم أن ما بين عمل الاثنين كما بين المشرق والمغرب!!!!!!
2- مدير المدرسة الابتدائية من الصنف : 14/03 قهقر دون وجه حق إلى الصنف:11 مع العلم أن الكثير من مديري الابتدائيات يسيرون مؤسسات يفوق تعداد تلاميذها عدد التلاميذ في المتوسطات، يعمل في ظروف جد قاسية ، دون نائب أو مستشار ،أومساعدين للتربية، يعاني الأمرين في المجال المادي للمؤسسة ( الحراسة، التدفئة، اللوازم المدرسية، النظافة...) هو مدير وحارس وبواب في نفس الوقت،زيادة على دوره التربوي والإداري الذي ينوء به يسير المطعم المدرسي ،الكتاب المدرسي، و منحة 3000دج ...
3- مفتش التعليم الابتدائي كان في القانون90 -49 مصنفا في السلم: 16/05 أي قبل مدير المتوسطة والناظر ... ،قد تم دحرجته إلى الصنف12 وينزل بأربع رتب بشكل انقلابي ودون وجه حق ، رغم أن السواد من هذا السلك يحمل شهادات جامعية، ويشرف على مقاطعة تفتيشية تضم أكثر من 15 مؤسسة تربوية، ويؤطر47 منهاجا تعليميا موجها لتعليم 08 مواد، ويقوم بالتسيير الإداري للمقاطعة زيادة على الدور البيداغوجي والتربوي ، وتمتد مهامه التفتيشية إلى مجالات إضافية كالمطاعم المدرسية، أنشطة محو الأمية، والكتاب المدرسي...وذلك دون أدنى وسائل ضرورية للعمل !!!!!!
- لماذا تضاف له مهمة التفتيش والمراقبة في التعليم التحضيري؟ ولا يتم تخصيص رتبة مفتش التعليم التحضيري؟
- لماذا تضاف له مهمة التفتيش والمراقبة في الإدارة الابتدائية؟ ولا يتم استحداث رتبة مفتش الإدارة الابتدائية؟
وعكس الوظيفة الاستدراكية والعلاجية للاختلالات التي شرّعت من أجلها مسودة مشروع تعديل القانون315-08
وعوض تدارك الاختلالات التي أجحفت في حق الابتدائي ، زادت من تعفين الوضع ، وتعميق الإجحاف بشكل
ستكون له تبعات مستقبلية خطيرة إذا لم يستدرك الأمر وينقذ الموقف ...
إننا نرفض هذه النظرة الدونية والضيقة نحو أسلاك الابتدائي، والتي تمنح التصنيف و الامتيازات على أساس تدرج المراحل التعليمية، أو سن التلاميذ وأعمارهم ...لا على أساس معايير وجيهة... إنها نظرة قاصرة وغير مسؤولة...
إن من يريد أن يعلن الحرب على الابتدائي بمسودة المشروع السوداء هذه، وينحو نحو الوجهة التي تعمدت إهانة الابتدائي بهذا الذل لا يخرج عن أحد هؤلاء الثلاثة:
1- جاهل للدور الاستراتيجي للمرحلة الابتدائية، وغير مدرك لمهام أسلاكها ، وهذه مصيبة كبرى.
2- متعمّد يريد زرع الإحباط في النفوس ليضرب المدرسة الجزائرية في العمق، وهذا ذنب أقبح من الأول
3- عنصري متخندق في الفئوية النتنة ومهوس بالبرجية المقيتة. قد أخطأ العنوان، فليس له مكان في قطاع تربوي...