قرّرت وزارة التربية إلغاء الدورة الاستدراكية من امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي والاعتماد على دورة واحدة، فيما لم تمانع الوزارة اعتماد اقتراحات رفعتها اللجان التشاورية تتمثل في إخضاع تلاميذ الأقسام النهائية في الابتدائي إلى امتحان يشمل جميع المواد وإعادة العمل بنظّام 6 سنوات للانتقال إلى مرحلة التعليم المتوسط.
تحوّلت مذكرة قرار الإلغاء التي وضعتها الوصاية أمام الجماعة التربوية من “الدراسة” إلى “قنبلة موقوتة”، فاعتبر المؤيدون للفكرة أنها فرصة لرفع وتحسين مستوى التلاميذ، فيما وصفها المعارضون بـ “الكارثة” التي ستقضي على ما تبقى من مستوى التعليم في الجزائر.
أفادت مصادر موثوقة لـ “الخبر” أن إلغاء الدورة الاستدراكية من امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي حسمت فيها الوزارة نهائيا، وحتى لا تواجه مشكلات مع شركائها الاجتماعيين (نقابات وأولياء تلاميذ) اهتدت إلى “تجميل” العملية بهدف تبرير الإلغاء بالقول “احترمت اتفاق القاعدة على المسألة”، وتواجه كل معارض بتقارير اللجان التشاورية التي أوكلت لها مهمة تدارس مذكرة الإلغاء.
اللجوء إلى الدورة الاستدراكية كان مؤقتا
وجاء إقناع وزارة التربية “واضحا وضوح الشمس” في المذكرة الأولى التي أبرقتها إلى مديري التربية، تتوفر “الخبر” على نسخة منها، من أجل تنظيم استشارات حول إجراء الدورة الاستدراكية لامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، فحاولت إبراز أسباب تخليها عن الدورة بالتذكير بـ “تاريخ” تأسيسه الوارد في القرار رقم 7 المؤرخ في 6 مارس 2005 الصادر نتيجة إدخال ترتيبات على نظام التقويم التربوي في نفس السنة، وأعيد النظر في كيفية تنظيمه وإجراءات الانتقال إلى السنة الأولى متوسط بالقرار الوزاري رقم 22 المؤرخ في 2 سبتمبر 2007.
ووجهّت الوزارة منذ البداية “تفكير” أعضاء الجماعة التربوية، وذكّرتهم أن الدورة الاستدراكية لامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي “إجراء مؤقت” منصوص عليه في القرار رقم 22، وكان الغرض منه التدرج في تطبيق النظام الجديد للتقييم البيداغوجي قصد التكيّف معه، مع العلم أن المادة الثالثة من القرار ذاته تفيد أن تنظيم الامتحان في دورة سنوية واحدة، وأنه يمكن فتح دورة استثنائية بقرار من وزير التربية الوطنية.
وحتى يكون موقف الوزارة أكثر صلابة، استندت إلى نتائج التحاليل المتحصل عليها منذ تأسيس الامتحان سنة 2005، وكشفت أن الأغلبية الساحقة من التلاميذ ينتقلون إلى السنة الأولى متوسط خلال الدورة الأولى، وأن الدورة الاستثنائية سمحت بنجاح نسبة ضئيلة لم تتعد 4% في السنوات الأخيرة، وأرفقت المذكرة بجدول يبين تطوّر نسب النجاح في الدورة الأولى والدورة الاستدراكية منذ 2005 إلى 2013، فلم تتعد نسبة النجاح في أقصاها 9.37% وذلك سنة 2008، فيما لم تقل نسبة النجاح في الدورة الأولى عن 66.76% سنة 2006.
لهذه الأسباب ألغيت الدورة من الابتدائي
وأفادت الوصاية في مذكرتها التي حضرها مديرو التعليم الأساسي والتقويم والاستشراف ووقعّها الأمين العام للوزارة، أن الدورة الاستدراكية في جانبها السلبي يتطلب تنظيمها تقديم تاريخ إجراء الدورة الأولى لامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي في نهاية شهر ماي من كل سنة، لترك مهلة للإجراء والتصحيح وإعلان النتائج، ما يتسبب في تقليص السنة الدراسية لفائدة تلاميذ الابتدائي، فضلا عن صعوبة التحكم في تاريخي امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والثانوي. واعترفت الوزارة أن فئة التلاميذ الناجحين في الدورة الاستدراكية تكون مكتسباتهم القبلية والمنهجية والمعرفية غير كافية ولا تمكنهم من مواصلة تعليمهم بالأداء المرجو، ما يتسبّب في ارتفاع نسبة الإعادة في السنة الأولى من التعليم المتوسط.
ولم يبق على إغلاق الوزارة لتاريخ استقبال آراء الجماعة التربوية والفاعلين في القطاع وشركائها الاجتماعيين سوى 10 أيام (12 ديسمبر) من أجل إرسال التقارير النهائية إلى مديرية التعليم الأساسي أو التقويم والاستشراف (يشرف عليها مديرو التربية بالولايات). في المقابل، أفادت المصادر ذاتها أنّ لجانا تشاورية رفعت تقاريرها حول الدورة الاستدراكية لشهادة التعليم الابتدائي، وأجمع المشاركون فيها على فكرة إلغائها، واقترحوا بدائل تتمثل في ضرورة امتحان التلاميذ في جميع المواد لأنّها بالنسبة لهم أساسية كلها ومهمة في مشواره الدراسي، ووضع معاملات لهذه المواد، وألحوا في تقريرهم على إضافة سنة للابتدائي كما كان معمولا به سابقا، اعتبارا لكون سن المتمدرس لا يسمح لهم بالتركيز وتحمّل مسؤولية الامتحان في هذه السن.
وترى تقارير اللّجان التشاورية أن الدورة الاستدراكية في جانبها الإيجابي تمنح فرصة للتلاميذ الذين يتغيّبون بعذر مرضي أن يحظوا بفرصة لاجتياز الامتحان في دورته الثانية، ومن جهة أخرى تتيح للتلاميذ نظرا لصغر سنّهم ممن تصيبهم صدمة الامتحان من الاستفادة من دورة ثانية.
ويرى خبراء بيداغوجيون ممن عملوا على الملف أن امتحان التلاميذ في جميع المواد يعتبر بمثابة “الجريمة” في حقهم، ومن شأنه أن يخلط أوراق الأسرة التربوية وأولياء التلاميذ، مشيرين إلى أن الإشكال ليس في الدورة الاستدراكية بقدّر ما هو في نوعية المعلّمين الذي يفتقرون إلى تكوين شامل فيمكنهم من تعليم تلاميذ لا يستحقون “دورة استدراكية”.
وأوضح الخبراء في حديثهم لـ “الخبر” أن إلغاء الدورة الاستدراكية من صلاحيات وزير التربية لا يشكل خطرا على النظام التربوي، لكن امتحان التلاميذ في جميع المواد يعد “كارثة” بكل المقاييس، فيما يتطلب تطبيق الإلغاء وقتا طويلا لتوسيع الاستشارة، وزمنه الملائم يكون ابتداء من 2015 على الأقل.