السلام عليكم
أستسمحكم في أن أدرج هذا الموضوع في باب مستجدات وطنية حتى يطلع عليه
أغلب المتصفحين للمنتدى ربما نستفيد منه جميعا.
خير لك أن تظل صامتاً ويظن الآخرون أنك أبله، من أن تتكلم فتؤكد تلك الظنون. "ابراهام لينكولن"
قبل ما يقرب من ألف وخمسمائة عام قال العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إن الرجل يظل كبيرا في عيني حتى إذا تكلم ظهرت حقيقته" .إن الصمت فضيلة وله في النفوس رهبة وإجلال .. والمرء الذي يؤدب لسانه كي لا ينطلق مثرثرا ، ويلجمه بحنكة وذكاء لهو امرؤ قد فعل الكثير في سبيل امتلاكه القوة .فكم من كلمة ألقاها صاحبها في غفلة من عقله ذهبت بماله أو سمعته .. وربما برأسه بعيدا !.
يحكى أن لويس الرابع عشر حينما كان شابا يافعا ، كان يتباهى بقدرته على الحديث والكلام والجدال ، لكنه وحينما تولى مقاليد الحكم صار أقل كلاما ، بل لقد كان صمته أحد أهم أسلحته ومنبع من منابع قوته ، فمما يروى أن وزراءه كانوا يمضون الساعات في مناقشة القضايا الهامة ويجلسون لاختيار اثنان منهم لعرضها على الملك لويس الرابع عشر ، وكانوا يمضون وقتا غير قليل في اختيار من سيرفع الأمر إلى الملك ، وعن الوقت المناسب لهذا الأمر ، وبعد أن ينتهيان من النقاش يذهب الشخصان اللذان تم اختيارهما إلى الملك وعرض الأمر عليه بالتفصيل والخيارات المطروحة .ولويس يتابعهم في صمت مهيب ، تغلب عليه روح الغموض .
وبعد أن يعرضا أمرهما ويطلبان رأي الملك ، لا يزيد عن أن ينظر إليهما ويقول بهدوء (سوف أرى) ثم يذهب عنهما . ولا يسمع أحد من الوزراء كلاما حول ما تم عرضه بل فقط تأتيهم النتائج والقرارات التي أمضاها الملك .
ولقد كان لصمت لويس الرابع عشر أثرا بالغا في إبقاء من حوله في حالة ترقب دائم لردود أفعال الملك ، وهو ما ترجمه سان سيمون فيما بعد بقوله ( لم يكن أحد يعرف مثله كيف يبيع كلماته ، وابتساماته ، وحتى نظراته . كان كل شيء فيه نفيسا ، لأنه خلق فوارق ، ولقد اتسعت جلالته من ندرة كلماته ) .
في كتابه ( كيف تمتلك مقاليد القوة) يؤكد روبرت غرين أن البشر آلات تفسير وتوضيح ، ولديهم شعور قوي بحتمية معرفة ما تفكر به ، وأنه كلما كانت كلماتك قليلة ومركزة فإنك سوف تغلق من أمامهم أبواب كثيرة للتفسير والتحليل ، وستجعلهم يتهيبونك بشكل كبير .
ولعلك قد تعارضني يا صديقي بحجة أن الكلام وسيلة تواصل وتعارف ، وأننا يجب أن نكون أكثر تفاعلا مع المجتمع الذي نعيش فيه ، وأن الغموض قد ينفر من حولنا الآخرين بحجة أننا متكبرين لا نود الحديث معهم .
وهذا صحيح في حالة الصمت المطبق المستفز ، لكنني هاهنا أخبرك ببساطة بمعلومة في غاية الأهمية وهي :الكلمات التي تخرج من الفم لا يتم إرجاعها ، والقول الذي تطلق سراحه لن يمكنك العودة فيه مرة أخرى .
الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر معاذ بن جبل رضي الله عنه بأن أخطر الأشياء التي تلقي بالناس في سعير جهنم هو ما يخرجه المرء من بين شفتيه ،ويجري به لسانه .
وما أريد أن أخبرك به في هذه الفقرة هو أن تحاول بشتى الطرق أن تسيطر على كلماتك ، وألا تثرثر بشيء ليس ذو قيمة أو لا تعرف أبعاده .
الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول (تكلموا تُعرفوا، فإن المرء مخبوءٌ تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر)، فكأنه يوضح لي ولك أن معالم شخصية المرء منا تتشكل في ذهن الآخر حسب ما يسمعه من كلامك، وذلك لأن كلامك بطبيعة الحال هو تعبير عما يجول بنفسك .
فإذا ما استطعنا السيطرة على اللسان، والتحكم فيما يخرج منه، وإغلاقه تماما إذا ما تشككنا فيما قد يأتي به من نتائج، سنكون قد فعلنا الشيء الكثير .