من المؤسف حقا أن تكون فلسفة النقابات في الترقية متناقضة مع فلسفة الاستحقاق التي تميز بها القانون العام للوظيفة العمومية والقانون الخاص للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية ، ففلسفة القانون العام تعبر بإنصاف عن أفكار حديثة في تسيير الموارد البشرية تتأسس على مبدأ التكافؤ والاستحقاق والفعالية والكفاءة ، تحدد هذه الفلسفة سقف الكفاية في الخبرة ( 5 سنوات على الأقل ، وأحيانا 10 سنوات) من أجل التنافس على الترقية بمسابقة مهنية، لأن الخبرة الحقيقية والطويلة يفترض أن تمنح صاحبها القدرة على الفوز في أي سباق ، وقد منح القانون الخاص نسبة 20 بالمئة للموظفين للترقية على أساس التأهيل وهي نسبة كافية لمن يظطرب أمام سطوة الامتحان أو لمن يتملكه كبرياء زائف فلا يتسابق مع الأقل خبرة منهأوهي في الحقيقة تثمين كاف للخبرة، إضافة إلى أن مطلبية النقابات في رفع نسبة التأهيل والإلحاح عليها يعبر عن ذاتية ضيقة ، ويشكك قطاعا عريضا من الموظفين في أن النقابات لا تدافع عن فلسفة الاستحقاق والكفاءة بل عن قطاع جزئي من الموظفين القدماء ربما تنتمي إليه التشكيلة الغالبة لقيادات لنقابات ، وهو أمر مؤسف حقا ، إذ ينبغي الابتعاد مسافة موضوعية كافية بعيدا عن الذاتية للحكم والتقدير.
وفي النهاية إن المديرية العامة للوظيفة العمةمية لن تقبل برفع نسبة الترقية لأنها تتناقض مع المبادئ التي تأسست عليها فلسفة القانون ، والتي نثمنها، ويظهر من هذا أن الإدارة تدافع أحيانا عن مصلحة الموظفين أكثر من النقابات .
بصراحة إن موقف النقابات من نسب الترقية يعبر عن تفكير سطحي وبائد وهو مثير للشفقة وسخيف إلى حد ما، أنا أحترم النقابات وأجل نضالاتها لكنها أخطأت الهدف في تقديرها لهذا الموضوع، فمن الضروري أن تراجع موقفها في هذا الموضوع وأن تتخلى عن المواقف الجزئية والمصالح الضيقة التي يعبر عنها موقفها من الترقية.