قرار من المجلس الأعلى للقضاء وصف بـ''التاريخي''
انتهت مداولات اليومين الأولين من الاجتماع التأديبي للمجلس الأعلى للقضاء، إلى عزل قاض وإحالة آخر على التقاعد التلقائي متهم بالسرقة الأدبية وتوجيه توبيخ لثالث. أما أكثر قرارات الاجتماع أهمية، فهو تبرئة قاضية برتبة مستشار، أثارت جدلا واسعا في جويلية الماضي بسبب رفضها الانصياع لتعليمات وزارة العدل.
اجتمعت الهيئة التأديبية للمجلس الأعلى للقضاء، أول أمس، بمقر المحكمة العليا، لدراسة ملفات 12 قاضيا تابعتهم وزارة العدل بتهم مختلفة تتصل في معظمها بممارسة المهنة. ويرتقب أن تنتهي أشغال مجلس التأديب السبت المقبل على أكثر تقدير. وقالت مصادر قضائية تابعت الاجتماع لـ''الخبر''، أن القرارات الأولى صدرت في اليوم الأول. ويتعلق الأمر بإحالة قاض من محكمة بشار على التقاعد التلقائي تعرّض لتهمة ''السرقة الأدبية'' تتصل بتأليف كتاب في الدراسات القانونية.
وتجري أشغال هيئة التأديب تحت إشراف الرئيس الأول للمحكمة العليا قدور براجع، وبحضور المفتش العام بوزارة العدل علي بدوي ممثل وزير العدل، وهو الجهة التي حرَكت الدعاوى ضد القضاة. وتم في اليوم الأول توقيع عقوبة التوبيخ ضد قاض وعزل آخر.
وأفادت المصادر القضائية، أن مجلس التأديب فصل في ملف أثار جدلا كبيرا في الأوساط القانونية، يخص قاضية برتبة مستشار تشتغل بمجلس قضاء الجزائر. فقد حصلت على البراءة من تهمة مخالفة تعليمات أصدرتها المفتشية العامة للوزارة في أكتوبر .2009 ورفضت القاضية التي تنتمي لغرفة الأحوال الشخصية تنفيذ التعليمة التي تطالبها، على غرار زملائها، بتصفيف الأحكام وطباعتها بنفسها بدلا عن كتاب الضبط. وواصلت تحرير مسودّات الأحكام، إلى أن جاء قرار توقيفها من المفتش العام في جوان الماضي. ورافع المحامي الحقوقي مصطفى بوشاشي، لصالح القاضية أمام أعضاء مجلس التأديب الذين قدمت لهم نسخة من مرسوم تنفيذي صدر في 24 ديسمبر 2008، يتضمن القانون الأساسي الخاص بمستخدمي أمانة الضبط. وتقول مادة منه، صراحة، بأن طباعة الأحكام نشاط تقوم به أمانة الضبط. وطلب المفتش العام عقوبة القهقرة للقاضية قبل تبرئتها من تهمة ''ارتكاب خطإ مهني جسيم''.
وقرأ قضاة، تحدثت إليهم ''الخبر''، قرار البراءة من زاوية أن المجلس الأعلى للقضاء رفض مسايرة تعليمات وزارة العدل، وهو أمر غير معهود. ويرى آخرون بأن المجلس اقتنع بأن تعليمة طباعة الأحكام مخالفة للقانون، وتبعا لذلك فالقضاة غير ملزمين بتطبيقها. ويحمل قرار التبرئة توجها لتكريس استقلالية المجلس الأعلى، عن وزارة العدل التي تمثل السلطة التنفيذية.
ويعتبر تبرئة القاضية خطوة تاريخية، حسب وصف أحد القضاة، لأنه من النادر أن يرفض المجلس الأعلى تطبيق حكم تطلبه الوزارة خاصة إذا تعلَق بمخالفة تعليماتها. ويندرج القرار، حسب عضو بالمجلس تحفّظ على نشر اسمه، في سياق قيام الهيئة القضائية بآداء وظيفتها المتمثلة في حماية حصانة القضاة. ولا يعرف كيف سيكون تصرَف القضاة الذين ينفذون التعليمة: هل ستبعث فيهم حادثة قاضية مجلس العاصمة الشجاعة، فيتوقفون عن طباعة الأحكام بأنفسهم بعد أن تم الفصل بعدم قانونيتها؟ وهل ستسحب الوزارة التعليمة، أم ستواصل التهديد بعقاب القضاة الذين يرفضون تنفيذها؟ يشار إلى أن أكثر من 50 قاضيا خضعوا لاستفسارات في الصيف الماضي بسبب هذه القضية.
جريدة الخبر في 08\12\2010