التنازل عن أحسن معاهد التكوين لقطاعات الدفاع الوطني والتعليم العالي والتكوين
كشفت دراسة ميدانية حديثة عن وجود 380 ألف أستاذ ومعلّم بنسبة 85% دون تكوين متخصّص، ولا يملكون القدرات اللاّزمة للتعامل مع زملائهم والتلاميذ في مجالات التشريع المدرسي وعلم النفس التربوي ومنهجية البيداغوجيا.
في المقابل، اعترف مدير التعليم الثانوي والتكنولوجي بوزارة التربية أنهم اكتشفوا في إطار دراسة ميدانية، في نفس السياق، تلاميذ أذكى ”جدّا” من معلميهم الذين يعجزون عن التعامل معهم.
أفاد رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ”إنباف” الصادق دزيري أمس في اتصال مع ”الخبر”، أن دراسة ميدانية حديثة أنجزت في المؤسسات التربوية تطرّقت إلى مستوى تكوين المعلمين والأساتذة استند فيها إلى أرقام رسمية، فكانت نتائج الدراسة ”مدوّية” ودق على إثرها ناقوس الخطر، فمن بين 450 ألف يمثلون هيئة التدريس، وجد منهم 380 ألف معلم وأستاذ بلا تكوين متخصّص ما يعادل نسبة 85%، ممن هم عاجزون عن التحكم في التلاميذ وأقسامهم وعدم قدرتهم على تبليغ وإيصال الدروس على أكمل وجه.
غياب التكوين المتخصص زاد في تعميق الأزمة
وأبرز المتحدث أن الدراسة حدّدت الإشكال الذي تعاني منه ”المدرسة الجزائرية” يتعلق أساسا بغياب الكوادر المؤطرة في أسلاك التعليم، وبالتالي غياب التكوين المتخصص المنصوص عليه في المراسيم الخاصة بكيفيات التوظيف في قطاع التربية، منها ما ورد في المادّة 3 من المرسوم 12/240 المعدلة للمادة 14 من المرسوم 08-315، وتنص في الفقرة الثانية ”الالتحاق بالتكوين المتخصص قصد التوظيف في رتبة أستاذ المدرسة الابتدائية وأستاذ التعليم المتوسط وأستاذ التعليم الثانوي يتم حسب الشروط والكيفيات المحددة عن طريق التنظيم المعمول به”.
أمّا المادة 10 المعدلة والمتممة للمادة 45 فنصّها ”يمكن أن يوظف بصفة استثنائية بصفة أستاذ المدرسة الابتدائية عن طريق المسابقة على أساس الشهادة، المترشحون على شهادة ليسانس في التعليم العالي أو شهادة معترف بمعادلتها”.
وفي تفسير لهاتين المادتين، فالأولى جوهرها واضح وتشير بطريقة مباشرة إلى ”التكوين التحضيري” للفائزين في مسابقات التوظيف حسب ما تشترطه مواد قانونية، أما الثانية فكانت أكثر وضوحا من الأولى، وجاء ذلك مذكورا في عبارة ”بصفة استثنائية”، يعني تملك الوزارة خيار تخطّي التكوين التحضيري في حالات استثنائية، لكن مادام التكوين التحضيري ليس إجباريا فتلك ”معضلة” أخرى، وتتحجّج الوزارة بأن عدم ترك التلاميذ بلا معلمين وأساتذة أفضل من تكوينهم ولو على حساب نوعية التعليم.
وحسب الدراسة، فيضمن التكوين إن طبّق للمعلمين والأساتذة التأطير في مجالات كيفيات التعامل مع التلاميذ في علم النفس التربوي والتشريع المدرسي (الحقوق والواجبات) ومنهجية التدريس (بيداغوجيا التدريس)، وهي كلها أساسيات يتكون فيها من اختار مهنة التعليم.
وأوضح الصادق دزيري أن ضعف التكوين راجع إلى قرار غلق المعاهد التكنولوجية والتنازل عنها لقطاعات التكوين المهني والتعليم العالي والدفاع الوطني، حيث كانت تغطي 92% من خريجي هذه المعاهد، وبعد قرار الغلق أصبحت النسبة لا تغطي سوى 10% من المناصب المطلوبة، فيما توفر النسب المئوية المتبقية من الجامعات مباشرة في التوظيف عن طريق الشهادة، مع بعض المرافقة المحتشمة لسد الفراغ في التكوين المتخصص.
لا حلول غير الرفع من مستوى التكوين
وألزمت الدراسة حسب رئيس ”الإنباف” وزارة التربية بالرفع من مستوى التكوين إلى استرجاع معاهد التكوين التكنولوجية، وتوسيع شبكة المدارس العليا للأساتذة عبر التراب الوطني لكونها تستقطب أحسن التلاميذ لاشتراطها معدلات عالية.
من جانبه، كشف مدير التعليم الثانوي والتكنولوجي بوزارة التربية عبد القادر ميسوم أمس، أن دراسة أثبتت وجود تلاميذ أذكى ”جدا” من معلميهم وأساتذتهم، ما يجعلهم في موضع العاجزين عن مواجهتهم والتعامل معهم، لكنّه دافع عن مستوى تكوين المعلمين والأساتذة وقال إنّه تحسن في السنوات الأخيرة.
وفي شأن مغاير، علمت ”الخبر” من مصدر موثوق به أن وزارة التربية تخلت نهائيا عن خيار الدورة الثانية لامتحان شهادة البكالوريا، وستعتمد على خيار البطاقة التركيبية لتقييم التلاميذ خلال السنة الدراسية عن طريق ملاحظات الأساتذة والانضباط وعدم التغيّب ومعدلاتهم المترفعة، وتحويلها إلى نقاط تضاف إلى من يتحصلون على معدلات في امتحان البكالوريا تقترب من 10 على 20.
وكانت ”الخبر” قد انفردت في عدد سابق بالكشف عن دراسة أعدتها مديرية التعليم الثانوي والتكنولوجي، تحتوي على تفاصيل إعادة النظر في امتحان شهادة البكالوريا، والخيارات المطروحة لتمكين التلاميذ المتحصلين على معدلات تقترب من 10 على 20، وهي اللجوء إلى دورة ثانية والاعتماد على بطاقة التقييم وتقسيم مواد الامتحان إلى السنة الثانية ثانوي.