أفرجت الحكومة عن مشروع القانون المتعلق بالتعاضديات الاجتماعية، والذي يخص 7 ملايين جزائري باعتبار أن هناك مليونا و200 ألف متعاضد منخرط، يضاف لهم ذويهم من نفس العائلة.
وأبرز المشروع المتكون من 110 مادة، الذي تحوز "الشروق" نسخة منه، ويتوقع عرضه على البرلمان خلال الأسبوع الثاني من هذا الشهر مع الأخذ برأي مجلس الدولة، رغبة الحكومة من خلال وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، في استرجاع تسيير تلك التعاضديات المقدرة بحوالي 30 تعاضدية وطنية، وعرض المشروع في ديباجته الأسباب وذكر منها "ضرورة إدخال إصلاحات وربطها بالإصلاحات الواردة في منظومة الضمان الاجتماعي"، ورغم إشارة ديباجة المشروع أن الإصلاحات تم الموافقة عليها في قمتي الثلاثية الـ13 و14، غير أن المشروع جاء خاليا من مقترحات المركزية النقابية التي شاركت في فوج عمل قبل صدور نص المشروع.
ويقرّ المشروع طابعا خاصا للتعاضدية "ذات طابع غير تجاري"، غير أن وزارة العمل تفرض عدة شروط تتعارض مع ذلك، وتجعل الرقابة من صلاحيات وزير العمل وإلغاء التبعية لوزارة الداخلية والجماعات المحلية بحكم أن التعاضدية إنشاءها يكون في إطار الجمعيات الوطنية، واقترح المشروع إدماج عمل التعاضدية ببطاقة الشفاء، مع إمكانية انخراط العامل في عدة تعاضديات لرفع المعاش بعد التقاعد، من خلال التمكين لمنحة تقاعد تكميلية لاشتراك لا يقل عن 5 سنوات.
ويقترح المشروع تقليص الأعباء الخاصة بصرف رواتب موظفي التعاضدية والمصاريف الخاصة بالتجهيزات الطبية ودفع مستحقات الأطباء والعاملين بالمراكز الطبية، من نسبة 10 بالمائة حاليا من مجموع المبالغ المحصلة إلى 8 بالمائة، بعد أن كانت في وقت سابق تقدر بـ15 بالمائة، كما يوجه المشروع التعاضديات لوضع أموال المتعاضدين لدى شركات التأمين.
وتطرق مشروع القانون إلى جانب العقوبات وتجريم بعض أفعال التسيير في 3 إلى 9 مواد كاملة، مما يدفع الكثيرين للعزوف عن تولي مهام في التعاضديات تكون في الأصل عملا تطوعيا، حيث اقترحت وزارة العمل تسليط عقوبة السجن 5 سنوات، مع غرامة بمائة مليون سنتيم بخصوص قضايا سوء التسيير، رغم أن التعاضديات تخضع للرقابة العمومية سواء وزارة المالية أو مجلس المحاسبة.
وتطرق المشروع إلى نسب الاستفادة من الخدمات الفردية والاستفادة الجماعية من خدمات التعاضدية، وخصص مواد لكيفية إدماج التعاضدية في نظام بطاقة الشفاء، وجعل 12 مادة للتقاعد التكميلي، ومن مقترحاتها إرغام غير الأجراء بدفع النسبة كاملة لتمكينهم من تقاعد تكميلي.
وفي مجال التسيير، تشترط وزارة العمل لإنشاء تعاضدية 5 آلاف منخرط و50 مؤسس، بدل 3 آلاف المعمول به حاليا، في وقت كان مسؤولو التعاضديات يتطلعون لتقليص العدد لتسهيل فتح تعاضديات.
حذرت من انقراض الاقتصاد الاجتماعي وهيمنة المؤسسات الأجنبية
التعاضديات ترفض المشروع وتطالب تحكيم الوزير الأول
طعنت لجنة التنسيق بين التعاضديات في مضمون مشروع القانون، واعتبرته تراجعا عن المكاسب المحققة في مجال النشاط التعاضدي الاجتماعي، واتهمت وزارة العمل بتهميش الفاعلين وعدم الأخذ بمقترحاتهم المبلورة عن خبرتهم الميدانية بالواقع المحلي.
طالبت تنسيقية التعاضديات، خلال جمعية عامة حضرتها "الشروق"، لقاء الوزير الأول ووزيري الصحة والتضامن الوطني لطرح انشغالاتها والتعبير عن تخوفاتها من زوال التضامن من الاقتصاد الاجتماعي المبني على العمل التضامني والتطوعي، حيث رفض أعضاء اللجنة الضغط الممارس من مديرية التضامن الاجتماعي بالوزارة على التعاضديات، خاصة في قضية الانتخابات، وتحديد رئاسة التعاضدية بعهدتين "يحد من حرية المتعاضدين ولا يعكس رغبتهم"، وأضافوا "الإصلاحات جاءت من طرف أحادي دون استشارة المعنيين".
وألح المعنيون على ضرورة الإبقاء على صندوق وطني للتقاعد التكميلي على غرار صندوق التقاعد، حتى لا تتعرض التعاضديات لصعوبات في التعويض الاجتماعي من خلال صندوق تقاعد تكميلي لكل تعاضدية، واستغرب مسؤولو التعاضديات فرض دفع 1.5 بالمائة على المؤسسات العمومية وعدم الضغط على الباترونا بنفس الإجراء، حيث أن نسبة الانخراط تقدر بـ3 بالمائة تقسم على قسمين: 1.5 بالمائة يدفعه المستخدم و1.5 بالمائة يدفعه المتعاضد.
وأكد محدثونا على مساعدة الحكومة الاقتصاد الاجتماعي بإجراءات مرجعية تخدم التعاضدية كجمعية ومؤسسة تسيير، من خلال تطوير اتفاقية ما بين الضمان الاجتماعي والتعاضديات لفائدة المنخرطين، معتبرين أن المشروع حمل ضغوطات مديرية الضمان الاجتماعي ضد التعاضديات، مستوحاة من "قانون أجنبي" يقزم مهام التعاضديات ويكبل حرياتها، مطالبين بتخفيف تدخل الإدارة في التسيير والإبقاء على هامش الديمقراطية في مجال تسيير التعاضدية وفق انتخابات داخلية، رفع نسبة مصاريف التعاضدية من أموال المشتركين إلى 15 بالمائة، بدل 8 بالمائة.
عضو التنسيقية: البنوك الأجنبية تحوّل 15 مليار دولار للخارج سنويا
واستنكر الدكتور محمد لدادة، عضو التنسيقية مضمون المشروع، وقال بأنه "يغيب المنفعة العامة ومبدأ التضامن ويتحدث عن المنفعة الفردية، والتكامل مع بطاقة الشفاء معناه أن الوزارة هي التي ستسير، فمن جانبنا ندعو الوزارة أن تنشر أرقام الضمان الاجتماعي والمحولين للعلاج بالخارج"، وأضاف أن فرض نسبة 7 بالمائة على الإطارات تدفع للتوجه للانخراط في شركات التأمين مما سيغلق التعاضديات، موضحا "تدفع التعاضديات 7 ملايير حقوق جمركة، فيما يسمح للخواص بعدم الدفع، كما يمنح الاعتماد لتعاضدية أجنبية - ماسيف - لتشتغل كشركة تأمين وتقوم بتحويل الأموال للخارج والأخطر بأن يمنح لها أخذ نسبة 36 بالمائة".
وفي ذات السياق، طرح لدادة حجم تحويلات البنوك الأجنبية للخارج المقدر ما بين 12 إلى 15 مليار دولار، في حين أن أرقام سنة 2012، توضح، حسبه، بأن 86 بالمائة من القروض الممنوحة تجارية، و5 بالمائة فقط استثمارية، مضيفا "هذا استنزاف لأموال البترول". وعليه طالب الناطق باسم التنسيقية، عبد القادر حرمات بضرورة عقد ندوة وطنية ثانية لشرح العراقيل التي تضمنها المشروع، على حد قوله.
وطالب أعضاء التنسيقية بتعويض للأدوية مماثل للتعويض المعتمد في صندوق الضمان الاجتماعي العسكري، هذا الأخير الذي يمنح حق تعويض قصاصات الدواء الحمراء التي لا يعوضها صندوق الضمان الاجتماعي للبقية.