Admin Admin
عدد المساهمات : 559 نقاط : 1853 تاريخ التسجيل : 28/02/2010
| موضوع: الحركة النقابية في المجتمعات الإسلامية السبت مارس 23, 2013 7:14 pm | |
| وفي رأيي أن الفكر الإسلامي التقليدي قابل الحركة النقابية بشيء من التجهم عندما بدأت تظهر في الدول الإسلامية، فربما نظر إليها بعضهم باعتبارها منظمات شيوعية يكونها الشيوعيون، وأنها تؤدي إلى القلق والاضطراب والفتنة. وكان لا بد لتبديد هذه الشبهات، وقد قام بهذه المهمة الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل الذي تكّون في جنيف عام 1981، وضم عددًا من النقابات في السودان والأردن والمغرب وباكستان وبنجلاديش. وأهم عمل قام به الاتحاد هو أنه وضع تنظير إسلامي للحركة النقابية يختلف عن تنظيرها في المجتمع الرأسمالي وتنظيرها في المجتمع الاشتراكي، وبرهن على تقبل المجتمع الإسلامي للنقابات بوجود الأصناف في العهد العباسي، فضلاً عن أن هدف النقابات وهو العدل هو نفسه هدف الإسلام. ووصل عمق دراسات الاتحاد في هذا المجال درجة أثبتت فيها أن الآية "282" من سورة "البقرة" التي تحدث فيها القرآن عن الدَّين بلورت عناصر الاتفاقيات الجماعية دون تطويع أو ابتسار، وشرح الاتحاد ذلك في الكتاب الذي أصدره عن "الإسلام والحركة النقابية"، والذي ظهرت طبعته الأولى سنة 1980م ليكون تحت يد أعضاء المؤتمر التأسيسي. وأعيد طبعه في الجزائر، ثم طبع طبعة ثانية بعد أن نفدت الطبعة الأولى. وقام الاتحاد بنشاط كبير، ولكنه قوبل بمعارضة من كثير من الاتحادات العمالية التي ربطت مصيرها بالنظم الحاكمة، وما يفرضه ذلك عليها من اتباع لهذه النظم وعدم الخروج عليها، كما أن الاتحادات العمالية ذات الاتجاهات اليسارية ضاقت به أيضًا.. وحدثت آخر معاركه مع الاتحاد الدولي للنقابات الذي يسيطر عليه اتحاد عمال الولايات المتحدة عندما أعلن الاتحاد الإسلامي عن عزمه على عقد مؤتمر لنصرة القدس. وتضمنت الكتب التي أصدرها الاتحاد مجلدًا عن الحرية النقابية من ثلاثة أجزاء، وسلسلة من الكتيبات، وكتابًا عن أزمة النقابية في المجتمع الرأسمالي والاشتراكي… إلخ. ومعظم النقابات في الدول الإسلامية ترتبط بالنظم الحاكمة، ويعتمد بعضها في تمويل نشاطاته على الاتحادات العمالية الدولية، ففي فترة الأربعينيات وما تلاها كانت الحركة النقابية في الدول العربية ذات التوجه اليساري تعتمد على الاتحاد العالمي للنقابات (براج) الذي يموله الاتحاد السوفيتي، وكانت النقابات في المجتمعات العربية الرأسمالية تعتمد على الاتحاد الدولي للنقابات الحرة (بروكسل). ولما تهاوى الاتحاد السوفيتي تهاوى معه الاتحاد العالمي، وانفرد الاتحاد الدولي للنقابات الحرة بالهيمنة على عالم النقابات العربية والإسلامية، ولما كان هذا الاتحاد يخضع للنفوذ الأمريكي فإن توجهاته كثيرًا ما تتعارض مع توجيهات هذه النقابات. وقد كان للحركة النقابية في بعض الدول كتونس والسودان أثر كبير في السياسات القومية في فترة الأربعينيات والخمسينيات، ولكن هذا الأثر تقلص في الفترة المعاصرة. ويظل الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل مشكلاً – في رأيي – لبادرة أمل بالنسبة للحركة النقابية؛ إذ يعتبر هو الوحيد الذي يضع تنظيرا نقابيًا فنيًا أصيلاً بعيدًا عن تلفيقات بعض الكتاب، أو استتباع بعض الأحزاب، ويتفق في الوقت نفسه مع وجدان هذه الشعوب وتاريخها وتقاليدها. | |
|