لجأت عدة نقابات تنشط بقطاع الوظيفة العمومية إلى إقرار تصعيد احتجاجاتها خلال هذه الفترة التي تتصادف مع نهاية السنة الجارية، ويتعلق الأمر بعدة قطاعات على رأسها التربية الوطنية، الصحة العمومية، الجماعات المحلية، التكوين المهني وغيرها..تصعيد يأتي كذلك قبل حوالي خمسة أشهر عن الانتخابات الرئاسية المقبلة ما يطرح عدة تساؤلات عن توقيت هذا التصعيد، في هذا السياق، أورد لنا بعض النقابيين، أن الهدف الأساسي من وراء ذلك هو »الضغط على الحكومة من أجل تلبية مطالب هذه النقابات ودفعها إلى فتح أبواب الحوار بشكل جدي وتجاوز سياسة الوعود التي تعودت عليها«.
يبدو أن عدة قطاعات وزارية ستكون في مواجهة ليست بالسهلة مع التنظيمات النقابية التي تنشط بها خلال الفترة المقبلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، وهو ما بدأ يتضح جليا من خلال لجوء عديد النقابات إلى الإعلان عن ارتقاب تنظيم احتجاجات وإضرابات في حال ما إذا لم تُعجل السلطات العمومية في إيجاد حلول للمطالب التي رفعتها منذ مدة، ويتعلق الأمر بعدة قطاعات بالوظيفة العمومية، منها قطاع الجماعات المحلية بحيث لجأت الاتحادية الوطنية لموظفي وعمال البلديات إلى تحديد 15 ديسمبر المقبل كآخر أجل لوزارة الداخلية من أجل إيجاد حلول لمطالبها أو العودة إلى الاحتجاجات معلنة أن المجلس الوطني للاتحادية سيجتمع بداية الشهر المذكور من أجل الفصل في طرق الاحتجاج.
نفس الشيء لجأت إليه 6 نقابات مُستقلة نشطة بقطاع الوظيفة العمومية بولايات الجنوب بما فيها النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، النقابة الوطنية لشبه الطبي، المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، هذه الأخيرة التي تُمثل حوالي 200 ألف موظف في 23 ولاية تابعة لمنطقتي الجنوب والهضاب العليا، قررت بدورها العودة إلى مسار الإضرابات عبر تنظيم احتجاج نهاية شهر نوفمبر الجاري بعدما انتهت المهلة الممنوحة للحكومة من أجل النظر في انشغالاتها التي تتمحور أساسا حول تحيين منحة المنطقة الجغرافية وفق الراتب الجديد وأثرها الرجعي ابتداء من جانفي 2008 وتعميم منحة الامتياز على باقي الأصناف ومراعاة خصوصية المنطقة فيما يخص العطل وتوقيت العمل والامتحانات الرسمية، إضافة إلى مطلب مراجعة مصاريف المهام والتسريع في انجاز وتوزيع سكنات الجنوب وفق الصيغ المختلفة.
من جهتها، لجأت الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع التضامن الوطني والأسرة إلى منح الوصاية 20 يوما كحد أقصى لفتح حوار جاد معها وإيجاد الحلول لانشغالات موظفي القطاع، أو تجسيد القرار الذي انتهى إليه المجلس الوطني للنقابة والمتمثل في تنظيم إضراب وطني متجدد، يسبقه وقفات احتجاجية أمام مقرات مديريات النشاط الاجتماعي عبر كافة ولايات الوطن، مسار تتجه إليه كذلك النقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين بقطاع التربية التي هددت كذلك بالعودة إلى الاحتجاجات بعدما رفعت رسالة إلى الوزير الأول وطلبت منه تخصيص حيز زمني للنظر في مطالبها بشكل عاجل أو استعمال الطرق التي يُخولها لها القانون في الاحتجاج.
نفس الشيء لجأت إليه نقابات أخرى كالنقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني »سناباست« التي دعت بدورها وزارة التربية الوطنية إلى »فتح حوار جاد ومسؤول بعيدا عن لغة الوعود والتسويف ضمانا لاستقرار القطاع« أو تجسيد تهديداتها خلال الأسابيع المقبلة، أي قبل نهاية السنة الجارية، ناهيك عن نقابات الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين الذي يتوجه نحو شل قطاع التربية بداية من 25 نوفمبر الجاري ونقابة الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين ومدراء ونظار الثانويات وموظفو المصالح الاقتصادية..التي هددت بدورها بالتصعيد في حال استمرار تجاهل السلطات العمومية لمطالبها.
ولم يتردد بعض النقابيين الذين تحدثوا إلينا، في التأكيد على أن لجوء التنظيمات النقابية في هذا الظرف بالذات، أي قبل بضعة أشهر عن الرئاسيات، إلى تصعيد اللهجة يهدف أساسا إلى الضغط على الحكومة وإرغامها على تلبية أكبر عدد من المطالب، واتهم هؤلاء النقابيون الحكومة بممارسة مثل هذه الإستراتيجية، أي أنها لا تستجيب للمطالب إلا بهدف التهدئة وتمرير مرحلة ما، وهو برأيهم ما يجعل النقابات تستغل الفُرصة.