مسيرة عذاب لا تنتهي الا بجزاء كجزاء سنمار

malk كتب:

استسمحكم عذرا ان غبت عنكم كل هذه المدة بسبب ظروف خاصة جداوكنت أتتبع أخباركم من زملائي مفتشي الابتدائي الذين ألتقيهم, وكم كانت الصدمة مروعة حين علمت أن وزارة التربية مازالت مصرة على اذلال زملائي مفتشي الابتدائي بمباركة نقابات نضال الربع الساعة الأخير بل كدت أدخل في عداد المجانين وأنا أرى قماش تعديل القانون الخاص يفصل بدقة متناهية ومقاييس متناغمةعلى من أرادت هذه الوزارةوهذه النقابات , لم أتمالك نفسي بعد أن عادت بي اللحظة يوم أن كنت مفتشا في التعليم الابتدائي اذ طافت بي الذاكرة الى أيام مشاركتي في امتحان الدخول الى مركز تكوين اطارات التربية حيث قضيت سنة كاملة بعيداعن الأهل لا أزورهم الافي العطل و مع معاناةالأسفار واقتطاع 40% من الراتب الزهيد كحق للتكوين لأتخرج بعدها مفتشا في الابتدائي وأعين في مقاطعة تبعد عن مقر سكناي بمسافةتفوق400 كلم دون راتب ولا سكن ولا مكتب فكنت أعيش على صدقات ما يجود به المحسنون وألجأ حين يحل الظلام الى شبه سكن( بل قبوا لا بل قل ان شئت قفصاأو سجنا ولا تقل سكنا) في احدى الثانويات ترافقني فيه الروائح الكريهة وأستفيق على هذيل الحمام أو مواء القطط أو لسعات البعوض وكم ضايقني مدير الثانوية بمباركة من مديرية التربية حتى أغادر هذاالفندق الفاخر فألجأ الى النوم في الحمام متخفيا حتى لا تقع عين معلم أو مدير علي متلبسا بهذه الجريمة جريمة النوم في الحمام وأنهض قبل الفجر لأهرب الى حمام آخر عفواالى ما أسموه مكتبي( وهو عبارة عن جناح من مطعم مدرسي...) أمارس عذاباتي في صمت الى أن تفتح المقاهي فألجأ الى ارتشاف فنجان قهوة على عجلة من أمري ثم أمر على البقال أشتري علبةسردين أو قطعا من الجبن أذخرها غذاء وعشاء, وعشت مدينا للمحسنين من تلك المدينة الى أن أفرجت شهر جوان عند ما صب المرتب ومخلفاته فاشتريت لباسا جديدا بعد أن كان لباسي السابق مثيرا للسخرية والاشمئزاز وتغامز المعلمين حين أقف أماهم في ندوة تربوية أو أزورهم في أقسامهم لأنه لا يليق برجل تربية فهو قديم بال لايناسب ( مقام المفتش) , وتذكرت حين كنا وقودا لقاطرة ما سمي بالاصلاحات لايغمض لنا جفن ولا يهدأ لنا بال مسابقين الريح علنا نفهم ونفهم( بضم النون وفتح الفاء والشد مع الكسر على الهاء) مغزى اصلاحاتهم بل ألغازهم التي لم يفهموها هم أنفسهم ولم يفهمها أحد الى الآن وأتحدى من يقول لي أنه استوعب تخاريف الاصلاحات وفهمها ابتدأ من أولئك الذين صدعوا رؤوسنا بالتهليل لها الى المعلمين المساكين الذين احتضنوها على مضض معتقدين أنه اذاكان هناك نقص فانه منهم وليس من هذه الاصلاحات فهي شيئ فوق القداسة أو هكذا قال معاليه وهكذا هلل قوم تبع فيا ويل من يعترض أو يناقش فهو ضد برنامج فخامته وضد الجزائر بل هو عميل للموساد أو مجند خطير من جنود القاعدة, فهذا ملتقى في العاصمة والآخر في سكيكدة والثالث على مستوى الولاية تتبع بزيارات شرح وتوعية وتكوين للمعلمين والمديرين , بل عشت مهوسا بمهام لاتنتهي الا لتبدأ فهذا اجتماع يتلوه اجتماع وذاك استدعاءمغلف باستدعاء فوقه استدعاء وتلك زياة لمعلم أومدير في منطقة نائية لاتصلها الا بعد أن ينال منك التعب, كم بكيت حين أخلو بنفسي بل كم لجأت الى والدي أسأله يا أبي أأنت راض عني والى أمي تغمدها الله برحمته مكررا السؤال نفسه لأني ما وجدت تفسيرا لهذا السجن الاختياري الا أن تكون بسبب عقوق للوالدين لا أعلمه أو بسبب ذنب خفي فاتتني التوبة منه, كانت أمي تذرف الدموع معي مشفقة علي مما أنا فيه متوسلة الي أن عد الى التدريس وكان أبي يذكرني بالمشاق التي كابدها من أجل تحصيل قوت الأسرة وغرضه أن الزم الصبر يا ولدي وكانت زوجتي المسكينة تشفق علي من أن أجن بعد أن أصبحت قاب قوسين أو أدنى منه, حين يخلد الناس للنوم ويغط سيدنا مدير التربية في سبات عميق كنت أفتح أوراقي وأمسك قلمي فهذا بريد مستعجل وتلك ندوة تربوية لأتهيأ قبل طلوع الفجر وأنا أغالب النوم مستقلا الحافلة لاجتماع أو استدعاء وقبل أن تكتحل عيناي برؤية طفلتي الصغيرة وهي تستقبل الصباح الوليد, أعود الى بيتي منكسرالنفس واهن القوى لا ألتذ بطعام ولا منام لأني مطارد بأعمال لاتنتهي وبحكم بالأشغال الشاقةمع المؤبد, كان عزائي الوحيد هو أني لست وحدي فيما أنا فيه بل كل زملائي وأن دوام الحال من المحال كما كان يذكرني الحاج محمود مستشار التربية الرجل الفاضل حين يراني أتأفف من كثرة الاستقبالات حيث كان المواطنون يعتقدون أني شيء في هذا البلد فهذا يريد وظيفة لابنه والآخر يريدها وساطة لكن ما عرفوا أنهم يساهمون في زيادة نكدي لأن المديرية استغفلتهم موهمة اياهم أن الحل السحري لمشاكلهم هوعند هذاالمفتش البائس وبينما أنا في نكدي الذي يلازمني ليل نهار اذ يحل بشبه المكتب المتهالك وافد من الثانوية أن هاتفا مستعجلا من مديرية التربية فما علي الا الذهاب الى هذه الثانوية لأن هاتف المديرية لايقبل الانتظار ولا التماطل فأحث الخطى لا أدري أين كنت أضعها وقلبي يكاد يفارق صدري من شدة القلق أليس الهاتف من المديرية؟ وهل رأيت خيرا من هذه المديرية؟ أصل الى هذه الثانوية خائرالقوى مشدوها كأن بي مس من الجن ثانويةتبعدعن مكتبي بأكثر من كيلومترين وأنتظر سيادة المدير بذل العبيد عله يسمح لي بالمهاتفة حين ينتهي لذا لا بد من تطييب خاطره بكلمة ترفع من مكانته أو نكتة أصطنعها عله يبدي ثناياه ويظهر شبه راض عن هذا المتسول الملح فاذابالكاتب عن رئيس المكتب عن رئيس المصلحة عن مدير التربية يطالبني حالا باحضار قوائم الراغبين في المشاركة في الحركة النقلية والا... نعم والا فكم كانت هذه العبارة تصيبني في مقتلي لذا لا تردد, عودة الى المكتب ثم جري وراء الحافلة والى اللقاء يا أيها الغذاء ويا بنيتي ويا زوجتي قد نلتقي في المساء اذا شاء أصحاب الحل والربط والا..., كم لجأت الى الله في الليالي الحالكات متوسلا ودموعي هتانة يارب يارب السجن أحب الي مما أنا فيه, اخواني وأحبائي أن معاناتكم كانت معاناتي وتضحياتكم كانت تضحياتي تضحيات أشهد الله ما بذلها واحد في قطاع التربية من غير مفتشي الابتدائي لذا اياكم ثم اياكم أن تستسلموا انكم مظلومون لا ترضوا بأنصاف الحلول كما أوصيكم ألا تضعوا أقدامكم حيث لا تجدون من يحملكم و حيث لاتجدون ما يحملكم( زميلكم بلمبروك عبد المالك)

صدقت و رب الكعبة يا اخي عبد المالك..لقد نكأت جروحا لا تندمل...و الغريب في الامر اننا كلنا سقينا بهذه الكاس ...سبحان الله كيف تتشابه الاحوال في كل الولايات ؟؟ يا اخي ما حدثتنا به ذقناه و لكن الفضل يرجع اليك لانك استطعت بما اوتيت من سحر البيان ان تعبر عن خاطر كل مفتش...شكرا شكرا شكرا وبارك الله فيك...

ونعــــم الرجـــال أنت سيــــــدي.

أستاذي عبد المالك بلمبروك ونعم الأستاذ شجاعة في الحق وسحر في البيان, عرفتك زميلا لي في الثانوية وزميلا لي في التفتيش قبل أن تلتحق بالجامعة لم أكن أدري كل هذه المدة أنك تكتب في هذا المنتدى لأنك لم تكن تكتب اسمك كاملا وان كنت والله ألتهم كتاباتك التهاما وأعيد قراءتها مرات ومرات لما ألتمس فيها من حرارة الطرح وصدق التوجه وشجاعة في قول الحق لكن اليوم بعد أن ذيلت مداخلتك بذكر اسمك عادت بي الذاكرة الى زمن الزمالة في الثانوية ثم في التفتيش عرفتك والله يشهد مجتهدا في عملك لا تعرف الكلل متمكنا منه بثقافتك التربوية العالية وشجاعا غير هياب من المواجهة لاتخاف لومة لائم فيما تعتقد أنه حق وقد جلب لك ذلك كثيرا من المشاكل مع المديرية لكن الله لم يتركك واستجاب لدعائك, سيدي وأستاذي كلماتك تصلح لأن تكون بيانا يكتب بأحرف من ذهب يشهر في وجه هذه الوزارة بأن هذا هو مفتش الابتدائي وهذه هي حاله وهذه معاناته والله ما عرفت كيف أشكرك الاأن أقول مع اخواني بارك الله فيك وعودك أحمد أستاذي ومن لايشكر الناس لا يشكر الله.

.

كل ماذكرته يا عبد المالك مما ابدعت في سرده عاشه الكثير من الزملاء وحركت به المواجع و نكأت جروحا لا تندمل كما قال البختاوي وكم ستكون دهشة الغرباء عن القطاع كبيرة عندما يعلمون ان هذه المآسي كانت متعلقة بمهام ووظائف واعمال خارج القانون ولم يتضمنها نص صريح وانما كان ذلك خليط من الأعراف والنصوص العامة وفي كثير من الاحيان حيرة وضميرا ورغبة في خدمة الوطن والامة ومن عجائب المعاملات والمجازاة في وطني ان الاستحقاقات الوطنية كالانتخابات والإحصاءات كانت من نصيبهم عندما كانت تسخيرا وتطوعا وحرموا منها عندما ثمنت وصارت مغنما ...
فهل يكون الجزاء بهذا الشكل .
تعست أمة لا تقدر رجالها ومن ضحوا في سبيلها وتعست أكثر عندما تمعن في احتقارهم و تتفن في استصغار دورهم وجهدهم وخبرتهم وتكوينهم ومؤهلاتهم . فقط لأنهم يشرفون على تعليم وتربية الصغار مهما كانت المبررات المالية والمادية ( كما يسرب ان العدد كبير فهو مكلف مقارنة بالمراحل العليا ).
لو ان الناس يشعرون ويقدرون لاتخذوا لمثل هذا الرجل رمزا او نصبا تذكاريا كقبر الجندي المجهول ...

هكذا تألمت حين تذكرت ففاضت شؤوني واتقدت شجوني . الذكرى مرة ولكنها لاتخلو من حلاوة.ولولا المر ما عرفنا قدر الحلو

أستاذي عبدالمالك قرأت ردك وكان بحق ابداعا وكلمات حية صادقة كما عودتنا دائما حتى حين تستفزنا وأنا أعلم أن استفزازك هو منهج يلازمك و أنت تريد منه ما وراء الاستفزاز لم يكن يقلقني لأني أعرفك عن قرب وأعرف هدفك جيدا أي تريد مناقشة موضوع ولا تريد ردودا عاطفية لا تسهم في حل الاشكال ولا تقدم ولا تؤخر كما استطاع بعض الزملاءالتنبه الى ذلك وان لم يعرفوك مثلي, وأنت تشير الى من يمارسون لعبة الاحباط كما وصفتهم يريدون تصفية حسابات مع المفتشين ويتشفون ثق جيدا أن هؤلاء طالما وجدوا أنفسهم وحدهم لم يجدوا من يرد عليهم وكان هذا أحسن جواب لهم واعلم أن كل من يريد النيل من قضيتنا واساءة الادب في حرم هذا المنتدى المبارك فانه سيجد نفسه وحده خارج خيمة المحبة والاخاء التي عكف على نصب أوتادها أستاذنا و أخونا أبو الشريف وانه أشد الناس حرصا على ألا تلمسنا نسمة هواء أو تعكر صفونا كلمة طائشة, فهمت رسالتك أستاذي واعلم أن الفيستة التي تقلب لن أرتديها انشاء الله , شكرا أستاذي.