أيها الإخوة، لست أدري إلى متى أظل أصرخ في آذانكم، أن المرحلة الابتدائية برمّتها مستهدفة؟
فكيف نفسّر الإصرار على تقزيم كل سلك من أسلاكها؟
كيف لا تُعامل هذه الأسلاك بالدرجة نفسها التي يعامل بها نظيرها في بقية المراحل؟
بعد إعمال فكر، و تخمين طويل...، لم يستوعب عقلي بعد هذه المفاضلة المقيتة بين الأطوار التعليمية الثلاثة؟
لماذا يصنف منتسبو الابتدائي في أدنى مرتبة، سواء كانوا أستاذا أو مديرا أو مفتشا؟
هل الطور الابتدائي هامشي إلى هذا الحد مقارنة بالطورين الآخرين؟
لماذا الطور الثانوي وبشكل انقلابي وسحري نال الحظوة في هذا المجال إلى حد الدوس على مبدأ الحقوق المكتسبة المكفولة في القانون90-49؟
هل وصل هذا التفاضل الفاحش في الحقوق والمزايا إلى حد المطالبة بوزارة لكل طور؟
أخيرا، انجلت الحقيقة، فثمّة أطراف مريضة منتقمة تريد أن تسلط سيف العقاب على رؤوس أهل هذه المرحلة في إطار مايسمى بتصفية الحسابات...، كما يبدو أن مرحلة تعليمية -بين عشية وضحاها-أريد لها أن تغرد عاليا فوق الجميع، لا لشيء سوى لأنها ماكرة في التلويح ببعض الأوراق الضاغطة!!! وياليت الأمر متوقف عند توظيف هذه الأوراق لنيل حقوقها المنطقية فحسب،وإنما الغلو فيها،ولو على حساب الآخرين، وذلك من أجل تكريس نظرتها البرُجية، ونزعتها الفئوية... إلى الحد الذي يصل بنا إلى مخالفة ناموس التربية، وإبطال القاعدة الذهبية في بناء صرح المنظومة التربوية، حيث أنانيتهم تؤسس لينطلق البناء التربوي من الثانوي وصولا إلى الابتدائي، بدل العكس، كما هو جار في كل منظومات العالم ...!!!!!!!!!
نعم ، يحدث كل هذا في غمرة تناسي الجميع أن هذه المراحل التعليمية الثلاث مترابطة فيما بينها في تلاحم منسجم، وفق بنائية محكمة ،لاغنى لمرحلة فيها دون الأخرى ،من أجل تحقيق مخرجات تعليم منظومي واحد، تشرف عليه وزارة وصية واحدة ،و لتحقيق غاية واحدة ؟؟؟
لكن -ياللأسف- لا هذا الترابط بين المراحل، ولا استراتيجية المرحلة الابتدائية، ولا خصوصية العمل التربوي فيها، ولا صعوباته، ولاحجمه الساعي الأكبر، ولا التساوي في الشهادات والمؤهلات مع الآخرين ... كل هذا الزخم الكبير لم يشفع لأسلاك الابتدائي في أن تحظى بالمساواة في المعاملة بالمثل في التصنيف وغيره...، بما يحفظ لها كرامتها.
فهذا ركنها الركين، وذروة سنامها، وعماد قوامها قد ضرب في الصميم،
وناله دون غيره الإذلال، والجور، والتقزيم ،من طرف وزارة لسان حالها يقول:
أما أنتم أيها المنحدرون من الابتدائي سكان الدار الأصليين، والعارفين بخبايا زواياها ،و الماسكين لناصيتها ... فالطبخة كلها عليكم وحولكم انكسروا واقنعوا، سواء كنتم أهل اختصاص وكفاءة أم لا ، أو أصحاب شهادات أم لا ,أو تلقيتم تكوينات متخصصة متعددة أم لا , أو قضيتم دهرا وعمرا في التربية أم لا , فلن تعدو أن تكونوا معلمي أطفال صغار ،فلا تستحقون إلا صغائر الأشياء...