قصة الأستاذ الذي حوله الزمن من معلم عاقل إلى درويش مجنون

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]

#
كان الأستاذ -ح- من أكفأ أساتذة التعليم الابتدائي بمدارس الضفة الشرقية للعاصمة، وتحديدا في إحدى ابتدائيات بلدية باش جراح، اشتهر بعشقه للشعر وبحسه المرهف، كما اشتهر بين زملائه بتطوعه لتأطير نشاطات التلاميذ الفنية كالمسرح والكورال، معتبرا أن التعليم بدون هذا النوع من النشاط يتحول إلى تكوين مهني.
#
استمر الأستاذ -ح- على هذه الحال عشر سنوات قبل أن تبدأ علامات فقدان العقل تظهر عليه، وذلك عندما صار يروي للتلاميذ في كل حصة قصصا عن تعرضه لهجوم من قطاع طرق وبعد كل قصة يطلب منهم التوجه إلى الشجرة القائمة بجوار المدرسة ليشاهدوا بأم أعينهم آثار الدماء عليها.
#
استمر هذا الأمر مع الأستاذ حوالي العامين قبل أن يقرر تدريس اللغة الفرنسية لتلاميذه وهو في الأصل مدرس للغة العربية، وبعد شكاوى الأولياء حول إلى التحقيق وأوقف عن العمل ستة أشهر، ثم عاد ليمارس مهامه، لكن أحواله كانت قد زادت تدهورا، فأصبح يجلس في مؤخرة القسم يحلق حوله تلاميذه ويؤدي على مسامعهم أغاني عبد الحليم حافظ، ثم يجبرهم على التصفيق عليه.
#
الوضع العقلي الذي بلغه الأستاذ -ح- دفعه إلى مغادرة التعليم، واستقر به الأمر في أحد المساجد يدخله عند صلاة الفجر ولا يغادره إلا بعد صلاة العشاء، وهو اليوم يعيش على صدقات المحسنين، الذين يمدون له أيديهم ويدعون له بالشفاء ويلعنون هذا الزمن الذي يتحول فيه الأساتذة الأكفاء إلى دراويش ومجانين.

هذه هي نهاية معظم المعلمين والأساتذة ، فنحن أقصر خلق الله عمرا نتيجة العمل المظني الذي نمارسه ولا احد يشعر بنا بدءا بأقرب الناس إلينا يعتقدون بأننا في بحبوحة وفي سعة من أمرنا ، ولو يعرفون مكنوناتنا لكنا محل شفقة الجميع .
الأخت كريمة هذه عينة تعرفينها وأنا أعرف أيضا الأستاذ " ح السعيد " كان مثالا للخلق الرفيع والسلوك القويم ، والكفاءة العلمية والسعة المعرفية ، وبعد أن قضى 10 سنوات في التعيم اختل عقله وأصبح يجوب الشوارع يفترش الأرض ويتغطى السماء صيفا وشتاء ، والأدهى والأمر أنه لايتقاضى سنتيما واحدا رغم محاولات أصدقائه القدامى المحسنين الذي بذلوا جهدا كبيرا من أجل أن تسوى وضعيته ،ودفع ملفه لصندوق التقاعد ، ولكن هذا الصندوق رفض بحجة أن وزارة التربية لم تدفع ملفه في ذلك الوقت ، وهكذا بخطإ من الوصاية يدفع الموظف الثمن غاليا .
هذه عينات نعرفا وما لم نعرفه أدهى وأمر.

يخي بلاد يخي

اذا كان هذا الأخ قدضيع عقله وحقه عند البشر فانه حتما سيجده عند ربه..والله ان هذا النوع من المعلمين جدرين بالتقدير والاحترام..فهم مثلا أعلى للعمل الجاد الدؤوب ...أخي ان فقدت متاع الدنيا فان الله أراد بك خيرا ..وان فقدت عقلك فهذا ليرفع عنك القلم..وستبقى دائما عند أهل العلم رمزا من رموز هذه المهنة الشريفة والتي للآسف الشديد لاقيمة لهافي هذاالمجتمع..استغفر الله..ندعوا لأخينا بالشفاء..