إذا كنا نقف معكم في السراء والضراء، فهذا لأننا نحترم ما تقومون به ونقدسه ونناضل إلى جانبكم من أجل تنوير الناس حول معاناتكم اليومية مع غبار الطبشور ورائحة أقلام السبورة، وسوء أدب بعض التلاميذ وضغوط أوليائهم ''المخلوعين'' بمراكزهم الاجتماعية وعرض أكتافهم وطول قاماتهم.. فإننا بالمقابل نرفض أن يسبكم الناس لأنهم لم يعودوا يطيقون بطالة أبنائهم الذين ''جهزوهم'' بآلاف الدنانير ووعدوهم بالمكافآت المجزية والهدايا المغرية لقاء الجهد الذي سيذلونه في طلب العلم.
إنكم يا معشر المعلمين والمعلمات، نبراس ينير دروبنا، وأنتم الذين أفنيتم أعماركم في تنشئة النشء والذود عنه بحمايته من الجهل وآفات الشارع واستقالة آبائهم وأمهاتهم بسبب البؤس تارة وصعوبة المعيشة تارات كثيرة. ومثلما نرفض تحول أبنائنا إلى فئران تجارب تختبر وزارة أبوبكر بن بوزيد أنظمتها وأساليبها، فإننا بالمقابل لا نرضى أن يتحولوا إلى ورقة ضغط تستعملونها للحصول على مغانم الإضراب التي لا ترقى إلى تسديد حتى مبلغ فاتورة استهلاك الماء!
إن هذه المدرسة التي تخرج مئات الآلاف من الإطارات والكفاءات على أيدي معلميها ومعلماتها، لهي بحاجة ماسة إلى أن نوجه باسمها رسالة إلى من يهمه الأمر في هذا الوطن، بأنه حان الوقت لكي تدخل العملية التربوية عهدا جديدا يستفيد فيه التلاميذ أيضا تماما مثلما يستفيد العاملون والإدارة، وأن يُبذلَ أقصى جهد للارتقاء بالتعليم، وأن لا يسمح المعلم لمن يحسد نبله وقدسية دوره بالانتقاص من مكانته، وأن لا يتحرج عن الحديث وبأعلى صوته بأنه هو حجر الزاوية، وأنه بريء ممن يتعمدون إرسال رسالة سلبية أن المدرسة منكوبة بأصحابها.
إن المعلمين كانوا مضطهدين ويجب أن لا يُستغل هؤلاء في زرع الفوضى أو تعطيل قطاع مهم في الدولة. إن هناك نقابات منتخبة انتخابا حرا، ويجب أن تفعّل هذه النقابات في الدفاع عن حقوق المعلم، بالضغط على الحكومة (وليس على التلاميذ)، وعليكم، أيها المعلمون والمعلمات، بعد أن تنالوا حقوقكم (ربي يزيدكم) أن تقفوا خلف وأمام التلاميذ وتطمئنوا أولياءهم، وأن لا تعطوا انطباعا سيئا عنكم في أول السنة الدراسية ولا في منتصفها أو في ختامها، وتأكدوا أن هناك من يخطط لإنهاء أيام مدارس الشعب بالخوصصة المتوحشة التي لن تكونوا أنتم المستفيدين منها.. وانظروا حولكم إلى قطاع الصحة، وقبله النقل وبينهما الجامعات والمعاهد التكوينية، واعتبروا لأنه (ما يبقى في الواد غير حجارو). وعلى المحبة نلتقي.