حبُّ الولد فطرة فطر الله الوالدين عليه، وجعله ثمرة الفؤاد، وقرة العين وبهجة الروح، بل!! إن المولى عز وجل مدح أولياءه في كتابه العزيز بأنهم يدعون الله ويتضرعون إليه أن يقر أعينهم بالولد الصالح، قال الله تعالى: ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ) الفرقان:74.
هذه المحبة مصدر الأمن والاستقرار النفسي للولد، كما أنها القاعدة الصلبة لبناء شخصية الولد على الاستقامة، والصلاح، والتفاعل الإيجابي مع المجتمع من حوله، ولا يُتصور تحقق هذه الغايات إذا كانت المحبة حبيسة صدور الآباء والأمهات، نعم هي موجودة وقوية، لكنهم!! لا يظهرونها للأبناء، ولا يعبِّرون عنها قولاً أو فعلاً، مما يضعف جسور الارتباط بين الابن وأسرته، ويفوِّت على الطرفين الاستمتاع بهذه العاطفة الرائعة!.
الحبّ هو الأداة السحريّة في التأثير والتغيير، حيث يُعتَبرُ الحبُّ أرقى أساليب التواصل الإنسَانيّ، الذي يحظى بالقبول العامّ من جميع الناس، على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم وقيمهم. فلا يختلفُ على تقديره والاعتراف به اثنان، فهو من رصيد الفطرةِ، الذي يأبى التحريف والتشويه. ففي داخل كلّ إنسان سويٍّ وهاجسه طلبُ الحبّ والتطلّع إليه، فلا عجبَ إذا قُلنا: إنّه الأداة السحريّة في التأثير والتغيير!.
الحبّ راحة للقلب من شتّى المتاعب، لأنّ عاطفة الحبّ بصورة عامّة هي حالة منَ الانسجام النفسيّ، والاطمئنان الداخليّ، الذي يضفيه الإنسان على ما حوله، فيعينه على أداء عمله أيّاً كان نوعه بحيويّة وإيجابيّة. ومَن كان الحبُّ هاديَه وحاديَه في عمله؛ فلن يشعر بشيء من التعب مهما بذل من جهد، وواجه من عقبات.
الحبُّ يجعلُ العملَ مُتعَة نفسيّة وعقليّة، لا محنة وبلاء، حيث يرقى الحبُّ بالإنسان درجة أخرى، فيستلذُّ التعب، ويستعذبُ البذل والنَّصَب، فيصبر الإنسان ويجالد، ويستعذب الصبر، ولا يحسّ بمعاناته، وهنا بؤرة الإبداع والتألّق ومنطلقه.
الحبّ ثروةٌ لك لا تنضب، ورصيدٌ لا ينقُصُ، فعندما تبذر الحبّ أيّها المربّي تفتح لنفسك رصيداً لا يُسرق، ولا ينتقصُ، بل يزيد مع الأيّام وينمو، من حيث لا ِتحتسب ولا تدري. فالقلوب التي أحبّتك، وكان لك معها مواقف، لن تنساك، ولن تنسى معروفك معها وإحسانك، وإخلاصك وتضحيتك، ومواقفك التربويّة المؤثّرة.
الحبّ يختصر الطريق، ويطوي لك المراحل، ومن منّا من لا يريد إنجاز عمله في أقرب وقت، وأقلّ جهد.؟! ولكنّ الطبيعة المتعجّلة للإنسان تحسب أنّ الحبّ وما يتطلّبه من الرفق والحلم عائق عن سرعة الإنجاز، وتحقيق الأهداف، وتلك من خدع النفوس وتلبيساتها.
الحبّ ضمانة قطعيّة للنجاح بإذن الله، والناجحون هم الذين يمنحون الحبّ دائماً، وما لم يتحقّق نجاحه بالحبّ، فهو مستعصٍ على النجاح في أغلب الأحوال، ولا يعني الحبّ الخروج عن الحكمة في معالجة المواقف، وإعطاء كلّ مقام ما يقتضيه.
بالحبّ نحلّ المشكلات، ونستغني عن تدخّل الآخرين، وإنّي والله لأشفق من قلبي على أولئك المعلّمين، الذين لا يزالون يستنجدون بإدارة المدرسة أو بأولياء الأمور لحلّ مشكلاتهم مع طلاّبهم .! وكثير من هذه المشكلات تكون تافهة صغيرة، يعرضها المعلّم وكأنّها كبيرة من الكبائر المستعصية على الحلّ، والأشد من ذلك أن يكون هذا الموقف من المرشد الطلاّبيّ نفسه، فلا عتب على المعلّم بعد ذلك ولا جناح، وخير لهؤلاء أن يستنجدوا بالحب، ليروا من النتائج العجب. الحبّ هو السبيل إلى تكوين الشخصيّة السويّة، فالأطفال الذين يفتقدون حظّهم من الحبّ يفتقدون حظّاً كبيراً من الهدوء النفسيّ، ويسهم المعلّمون والآباء، الذين يفتقدون للحبّ في توريثهم عقداً وأزمات نفسيّة هم بغنىً عنها، فأيّ تعليم هذا الذي يبني من جهة، ويخرّب من جهة أخرى.؟!
يقول الدكتور ميسرة طاهر: وسائل التربية بالحب، أو لغة الحب، أو أبجديات الحب، ثمانية وهي:
1- كلمة الحب. 2- نظرة الحب. 3- لقمة الحب.
4- لمسة الحب. 5- دثار الحب. 6- ضمة الحب.
7- قبلة الحب. 8- بسمة الحب.
ولو جعل المربُّون هذه الوسائل نصب أعينهم؛ لخرج لنا جيل مستقيم السلوك، وعالي الأخلاق، ولكنَّ!! الكثير لا يقدِّر أهمية التربية بالحب، ويا للأسف
منقول للفائدة