رغبة في البكاء، ألم في البطن، صعوبة في التنفس، قلق، خوف من المدرسة، ألم في الرأس، أرق، تقيؤ... كلّها أعراض يعانيها معظم الأطفال "في عمر السادسة تقريباً" عند اقتراب موعد دخولهم إلى المدرسة بعد عطلة صيفية طويلة.
في الحقيقة تمثل المدرسة في هذه المرحلة من حياة الطفل مصدر خوف شديد لا يستطيع هذا الأخير تفسيره بوضوح إذ تتناقض في داخله مشاعر وأفكار كثيرة تربكه وتقلقه: هل ستكون السنة المقبلة صعبة عليَّ؟ كيف سأقضي وقتي مع زملائي؟ هل سيكونون لطيفين معي أم لا؟ هل سأكون متفوقاً؟ وهي كلّها أسئلة تجول في ذهن الطفل من دون أن يقصد، فتجعل منه كائناً يخاف شعوره بالخوف نفسه عند دخوله السنة الدراسية الجديدة.
وقد تصل الأمور إلى حد أن يفقد الطفل السيطرة على نفسه خلال نومه ليلاً، فيبول في فراشه كما لو كان في السنة الثانية من عمره، لهذا السبب قد نجد الطفل يهرب من كل نشاط جماعي، ويتفادىء تلاقيه مع رفاقه واللعب والتسلية معهم لأنّه يمر بحالة نفسية صعبة من الضغط والكآبة والإرهاق النفسي، وهنا يكمن دور الأهل ونجاحهم في التفاعل مع حالة طفلهم المؤقتة والطبيعية حيث تجب مساعدته على تخطيها وعدم التأثر بها مستقبلاً.
وينصح الإختصاصيون في تربية الأطفال الأهل بألا يلجؤوا إلى أسلوب مواساة الطفل لأنّ ذلك لن يكون مجدياً، وإنّما استنطاقه ودفعه إلى التكلّم عن نفسه وعن مشكلته بطريقة غير مباشرة وهو المفتاح الصحيح، فعندما يشعر الطفل بشيء من القلق الشديد بخصوص مرحلة جديدة في مسيرته الدراسية، يتعرّض لخطر الإصابة بإرهاق عام شديد، لذا فإنّ الكلام عن المشكلة لن يجعله ضعيفاً متوتراً بل يعزز شجاعته بنفسه لأنّ الكلام يجعله يتخلّص من عبء الأمور والأفكار المكبوتة في داخله، ويشعر بارتياح كبير حين يشاركه أهله أحاسيسه المتخبطة، وتتاح الفرصة حينها لحل الأمور أو تسهيلها على الأقل.
قد تتحوّل المدرسة في حد ذاتها إلى كابوس حي تدفع الطفل في كل مرّة يرتادها إلى البكاء والغضب والإنزعاج. وهنا على الأهل التأكّد من أنّ المسألة تتعلّق بطفلهم شخصياً، وليس فعلياً بسبب سوء معاملة يتلقاها داخل المدرسة من أي تلميذ أو معلِّم، وبهذه الطريقة نلاحظ أهمية دور الأهل وحسن تأديتهم لأن تربية طفل ليست بالمسألة السهلة والبسيطة، بل إنها مسؤولية كبيرة، ومن هنا فإن ملاحظة كل الأشياء الصغيرة بدقة أمر في غاية الأهمية بالإضافة إلى ذلك، على الأهل ألا يطلبوا من طفلهم أن يكون تماماً كما يريدون هم، بل عليهم الاقتناع بقدراته وتشجيعه بطريقة منطقية تعطيه الدفع ليتقدم ويتطوّر بشكل جيِّد.
من جانب آخر، يميل الأطفال عموماً إلى الذهاب للنوم والإستيقاظ في أوقات متأخرة أثناء الصيف، ويمكن أن يكون تعديل هذا النظام أمراً صعباً، ولذلك يجب على الأهل تنظيم جدول نوم أطفالهم قبل أسبوعين على الأقل من بدء السنة الدراسية لأنّ الطفل إذا لم يحصل على كفايته من النوم فإنّ ذلك سيؤثِّر على أدائه في المدرسة حيث إنّ الحرمان من النوم الجيِّد يضعف القدرة على التركيز، ويؤثِّر على الذاكرة والمزاج أيضاً. ويحتاج الأطفال عموماً إلى تسع ساعات من النوم المتواصل على الأقل ليكونوا جاهزين للتعلّم، كما أنّ تأسيس جدول نوم نظامي يساعدهم أيضاً على الإستيقاظ مبكراً لتناول وجبة فطور صحية، وهي عامل مهم آخر يؤثِّر على الأداء المدرسي.
هناك الكثير من الأشياء التي يستطيع الآباء القيام بها للتخفيف من أثر فترة العودة إلى المدرسة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يحدد الآباء بعض النشاطات التي تسبق النوم كالإستحمام أو قراءة قصة لطيفة فهذا يساعد الطفل على الإسترخاء والنوم بشكل هادئ وعميق.