انتهى، أمس، إضرب الثلاثة أيام الذي شهدته ولايات الجنوب والهضاب العليا في قطاع الوظيف العمومي، وسط تأكيدات النقابات التي تبنت هذا الإضراب بالعودة إلى الاحتجاج الأسبوع المقبل، في حين أعلن الشباب البطال بولاية الوادي عن تنظيم مسيرة ضخمة في عيد العمال المصادف للفاتح ماي من كل سنة.
حذّرت النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في اليوم الأخير من إضراب الجنوب من ”الصمت الرهيب المطبق والمتعمد من طرف السلطات العمومية” تجاه مطالب 200 ألف موظف في مناطق الجنوب والهضاب العليا عبر 23 ولاية المعنية بالمحتجين ضد حقوقهم التي تم ”اغتصابها منذ سنوات”، وجددت موعدا الأسبوع المقبل لتصعيد الإضراب محملة الوزارة الأولى عواقب أية انزلاقات.
”الساناباست”: ”وتيرة تصاعدية للمشاركة في الإضراب”
ونقل المنسق الوطني لنقابة ”السناباست” مزيان مريان، في بيان استلمت ”الفجر” نسخة منه، أن ”المسجل في هذا الإضراب المتجدد أسبوعيا، عبر 23 ولاية المعنية للمطالبة بكل من منحة المنطقة والتعويض النوعي عن المنصب، وذلك من أجل احتسابها على أساس الأجر القاعدي الجديد وبأثر رجعي ابتداء 1 جانفي 2008 هو الوتيرة التصاعدية في المشاركة بعد التحاق الموظفين المعنيين وبقوة بركب المضربين يوما بعد يوم ردا على تجاهل السلطات العمومية وعدم اكتراثها لهذا الإضراب، وكأنه يحدث في بلد مجاور، الأمر الذي اعتبره المضربون استفزازا على المباشر وتهميشا واضحا ومكشوفا”.
وحسب مريان، فقد ”بلغت النسبة العامة للإضراب في يومها الثالث 72،28 % في مختلف القطاعات المشاركة من تربية وصحة وتعليم عال وأعوان الإدارة العمومية، وللتذكير بلغت في يومها الأول حوالي 69%، ووفي التعليم الثانوي وعبر ثانويات ثلاثة وعشرون ولاية بلغت نسبة الإضراب لهذا اليوم الثالث 75،16%، بعد أن كانت في يومها الأول في حدود 71%”.
وأكد مزيان أن ”الإضراب جاء إجباريا لا اختياريا بعد سلب حقوق هذه الفئة واغتصابها منذ سنوات”، محذرا من ”عواقب وخيمة” على مصير آلاف التلاميذ والطلبة لاسيما المقبلين منهم على الامتحانات الرسمية، قائلا ”إنه وفي الوقت الذي كان يرتقب فيه الموظفون المضربون قرار مسؤول يعيد لهم حقهم المسلوب، طالعتهم الصحف بقرار الحكومة القاضي برفع الحظر عن استيراد الشيفون، والذي تم حظره بالأمس القريب، وفي المقابل عجزت الحكومة نفسها عن تصليح فضيحتها في المنظومة الأجرية المتمثلة في اعتمادها لثلاثة أجور قاعدية لحساب راتب موظف في الجنوب (أوفي المناطق المعنية) بدل اعتماد أجر قاعدي واحد ووحيد كما هو معمول به في جميع بلدان العالم”.
وقال مريان ”إنّ مثل هذه الممارسات تُوحي بأنّ السلطات العمومية غير مكترثة بهذا الإضراب وليس في أجندتها ولا من أولوياتها الاستجابة لمطالب المضربين مستمرة بذلك في دوسها على قوانين الجمهورية دون رقيب ولا حسيب”.
اتسعت في اليومين الماضيين رقعة الاحتجاجات والإضرابات العمالية بوادي سوف بشكل خطير للغاية، بعدما اهتزت المؤسسات العمومية على وقع أكبر إضراب عمالي وتوقف بفعل الإضراب العمل في غالبية المؤسسات العمومية بنسبة قدرت بـ99 بالمائة، ما شجّع الكثير من العمال المغبونين والذين يعانون مشاكل مهنية للاحتجاج والتعبير عن غضبهم حيال مشاكلهم العمالية، وفتحت الإضرابات شهية البطالين مرة ثانية الذين توعدوا بمسيرة عارمة احتجاجا على إقصاء ولاية الوادي من برنامج الحكومة للتوظيف في سوناطراك بالجنوب والذي كان نصيب ولاية الوادي منه(0 منصب)، وهو ما فجّر غضب الشباب بالمنطقة لهذا ”التهميش الفظيع في حقهم”.
اعتصام أمام مقر المجلس الشعبي الولائي بالوادي
وفي هذا الصدد نظّم تكتل النقابات العمالية، أمس، وقفة سلمية أمام مبنى المجلس الشعبي الولائي لتحسيس المنتخبين الولائيين بمعاناة العمال، وذلك على هامش انعقاد الدورة العادية الأولى التي يحضرها المنتخبين والمسؤولين المحليين.
وذكر رئيس نقابة السناباب المفوض بالحديث عن تكتل النقابات في حديثه لـ ”الفجر”، أن ،”تكتل النقابات العمالية قام بتنظيم هذه الوقفة الرمزية إيمانا منهم بضرورة تكاثف الجهود من مسؤولين ومنتخبين لحل مشاكل العمال والدفاع عن هموم العامل بولاية الوادي”، موضحا أنهم قاموا بتقديم رسائل كتابية لجميع المنتخبين والمسؤولين المحليين وأيضا نواب الولاية في الغرفتين الأولى والثانية لرفعها للحكومة والرئاسة ضمنوها أهم المطالب التي رفعها العمال في احتجاجهم، محمّلين المنتخبين شطرا هاما من عبء هذه الأمانة المتعلقة بالدفاع عن عمال المنطقة.
من جانب آخر، احتج، أمس، العشرات من الأستاذة المجازين من الناجحين في المسابقة الأخيرة للتوظيف أمام مقر مديرية التربية بالوادي للمطالبة برواتبهم المتأخرة التي لم تصرف لهم منذ 8 أشهر كاملة رافعين شعارات تطالب بـ”المساواة والعدالة والإنصاف في التسيير والحق في الراتب”.
مسيرة ضخمة في عيد العمال الفاتح ماي
ويأتي هذا في وقت دعت فيه اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين ببلدية جامعة، أمس، إلى تنظيم مسيرة سلمية ضخمة في الفاتح ماي، تنديدا بـ”إقصاء ولاية الوادي من برامج ومخططات الحكومة وإقصائها من مناصب العمل في سوناطراك والتي كان نصيب ولاية الوادي منها ولا منصب مما فجر الغضب في نفوس الشباب حول هذا التهميش”.
وأوضح جعفري محمد الطاهر المتحدث باسم شباب اللجنة أنهم عقدوا جمعية عامة مطلع الأسبوع الجاري، قرروا فيها ”تنظيم مسيرة سلمية في الفاتح ماي للمطالبة بالإسراع في تطبيق تعليمة الوزير الأول رقم 1 المؤرخة في 11 مارس وإعطاء فرص عمل لأبناء المنطقة”.
وأعاب المتحدث ”تجاهل السلطات المحلية لمعاناة الشباب واكتفاء المسؤولين بالتفرج”، مضيفا أن ”المسيرة حدد لها مسار معين بحيث ستنطلق من أمام مقر الدائرة وصولا إلى محطة ضخ المحروقات نحو سكيكدة وبجاية التي توجد على مسافة 30 كلم من مقر الدائرة”.
وتتخوف عدة أوساط محلية بوادي سوف، من اتساع رقعة الاحتجاجات المهنية والشبانية التي ستكون لها انعكاسات سلبية على الحياة اليومية وذهنية العامل والمواطن على حد سواء بحيث ستشجع الجميع للاحتجاج ومن ثمّة التوقف النهائي عن العمل بكل المؤسسات العمومية وشلل الحياة تماما وهو ما جعل والي الولاية يسارع الزمن في اتصالات مكثفة مع هؤلاء المحتجين بمختلف أصنافهم لإقناعهم بحلول مرتقبة لمشاكلهم.