[left]عاملات النظافة بالمدارس يتحولن إلى ”بونيشات” لزوجات المدراء
هكذا يموت الضعفاء بقطاع التربية... ولا أحد يتحرك
2013.03.05
مخبريون عرضة لمواد محظورة دوليا وأجورهم لا تتجاوز 17 ألف دينار
استغلال خارج القانون يعيشه 130 ألف عامل مهني بالمؤسسات التربوية، يرجعنا إلى زمن العبودية بقطاع يتهافت الآلاف من الجزائريين للعمل فيه، نظرا للامتيازات التي حققها لموظفيه. وبعكس ما حققه موظفو 30 سلكا، فإن فئة الأسلاك المشتركة تراوح مكانها بأجور لا تزيد عن 17 ألف دينار ويموتون في صمت ويخرجون من الأبواب الضيقة، في ظل صمت الجهات الوصية التي قدمتهم لقمة سائغة للنقابات، وجرتهم إلى احتجاجات هدفها بيع أكبر عدد من بطاقات الانخراط، بحجة الدفاع عنهم، وإنقاذهم من مستنقع سقطوا فيه حسب شهادات من هذه الأسلاك ”خماسين وعمال لإرضاء المدراء وكخادمات وبونيشات لزوجاتهم، أمام شبح الموت الذي يترصد العديد منهم والأمراض الخطيرة لتعاملهم اليومي مع مواد كيمائية محضرة دوليا”.
بقشيش مقابل 40 ساعة عمل في الأسبوع
يعملون أكثر من 40 ساعة أسبوعيا، حتى في أيام العطل الأسبوعية لا يستفيدون من الراحة أبدا وأحيانا يتم تشغيلهم حتى في المناسبات والعطل الفصلية، في حين رواتبهم الشهرية لا تفوق 17 ألف دينار للعامل أو العاملة ذات أقدمية تفوق بـ20 سنة. وطبقا للتقرير الصادر عن رئيس النقابة الوطنية لعمال الأسلاك المشتركة علي بحاري، فإن ”استغلالا خطيرا تعيشه هذه الفئة بمختلف المؤسسات التربية الموزعة عبر القطر الجزائري”، والذي دعا إلى تسليط الضوء على معاناة هذه الفئة ”المحڤورة” بنقل انشغالاتهم إلى وزارة التربية التي باشرت ولأول مرة في الإنصات لهذه الفئة.
وأشار التقرير الذي تحصلت ”الفجر” على نسخة منه وعلى وجه التحديد إلى تلك الفئة التي ”تتعرض لها فئة العمال المهنيين صنف 1-2-3 هذه الفئة التي تعتبر من بين الفئات الأكثر تهميشا واستغلالا في قطاع التربية الوطنية، ويعملون أكثر من 40 ساعة في الأسبوع، فحتى في أيام العطل الأسبوعية لا يستفيدون من الراحة وأحيانا يتم تشغيلهم حتى في المناسبات والعطل الفصلية، في حين رواتبهم الشهرية لا تفوق 17 ألف دينار للعامل أو العاملة بأقدمية تفوق 20 سنة إضافة إلى مطالبتهم بأعمال ليست من مهامهم أصلا”.
وأشار التقرير إلى ”أذى المسؤولين في بعض المؤسسات التربوية منها المتوسطات والثانويات التي يتم فيها تعجرف بعض المدراء والمقتصدين، فيصدق المرء أو لا يصدق أن هناك من هؤلاء المسؤولين وصلت به الجرأة والتسلط إلى حد أمر عاملات النظافة بالعمل في منازلهم بصفة الإلزامية والتهديد والوعيد، وهذا ما جعلنا نصر ونؤكد أن ما تعانيه هذه الفئة، منها العمال والعاملات في بعض المؤسسات التربوية عبر الوطن الذين لهم أقدميه فاقت 20 سنة”. وكشف التقرير ذاته أن ”هناك بعض المديرين بالمؤسسات التربوية والمقتصدين يأمرهن وزميلاتهن بالعمل في منازلهم لمساعدة زوجاتهم في أعمال المنزل والطبخ، وكذلك من وصلت بهم الجرأة إلى مطالبتهم بالذهاب إلى السوق وقضاء حاجات ما تمليه الزوجة، وتحضير الأكل لهم، وحتى في بعض المرات يطلب منهن بعض المديرين أن يقمن بتحضير القهوة والأكل لعائلاتهم، خاصة عندما يكون عندهم ضيوف، والأمر نفسه بالنسبة للعديد من العاملات اللواتي يقمن حتى بغسل الثياب والفراش والأبواب والنوافذ لعائلة المدير والمقتصد، وكذا تحمل متاعب أبنائهم وتربيتهم معهم، وكأنهن خادمات وبونيشات لزوجات المدراء ولسن عاملات نظافة في المؤسسة التربوية”. وأضاف التقرير أيضا ”إنهن يقمن بمساعدة زوجات المديرين بالإكراه ورغما عنهن لا بإرادتهن، والحاجة هي سبب سكوتهن وقبولهن بهذا الذل حتى يستطعن أن يعلن أبناءهن لا بد عليهن أن يقبلن بكل الأمور، فلا مخرج من الأمر سوى مسايرة المدير، أو التعرض للتهديد والطرد”.
الرجال لدهن وترصيص بيوت المدراء
وأكد المصدر ذاته ”أنه حتى الرجال لم يسلموا هم الآخرون، فيستغلون بطرق شتى من أجل إرضاء زوجات المديرين، حيث أن بعض العاملين في الثانويات يستغلون من قبل مديري هذه الثانويات في كافة الأعمال الخاصة بمنازلهم، مثل دهن الجدران والترصيص، وكل الأعمال الأخرى، مثل العامل الذي طلب منه مدير المؤسسة غسل سيارته ولما أبى قام بخصم يوم من راتبه الشهري فإضافة إلى الأعمال التي يقوم بها العامل في المؤسسة طيلة اليوم، وحتى طيلة أيام الأسبوع، يأتي المدير أو المقتصد ليزيد من عنائه ويأمره بالقيام بكل الأمور الخاصة بمنزله، حسب ما تأمره زوجته”.
وجاء في التقرير أنه من مبدإ ”لكل عمل مقابل، هذا ما هو متعارف عليه، وعلى المأمور طاعة رب عمله مهما كلف، لكن ما هو مقابل العمل الذي يقوم به هؤلاء العمال، حيث أن من تقوم بالعمل في منزل المدير ستكون من بين الأشخاص الذين ينالون رضا المسؤول، ويحق لهم التغيب والوصول إلى العمل متأخرين، فهم في حماية رب العمل، أما من تمرد ورفض العمل في منزله فهو من المغضوب عليه، ويواجه العديد من المتاعب والمشاكل، وأي هفوة أو غلطة صغيرة نتيجتها تكون الفصل النهائي عن العمل، هذا الأمر أكدته كل من التقينا بهن من العاملات واللواتي كشفن أن عدة عاملات تم فصلهن وطردهن بسبب رفضهن العمل في منازل المدراء”.
عاملات نظافة يتحولن إلى حراس
وإضافة إلى هذا، هناك وجه آخر لمعاناة عاملات النظافة في المؤسسات التربوية، حيث يكلفن بالقيام بالعديد من الأعمال التي ليست من اختصاصهن، ولا يقدرن على القيام بها، لأنها من اختصاص الرجال، لكن ”واش يدير الميت في يد غسالو”، فعاملة النظافة التي لا حول لها ليس لها إلا أن ترضى بكل ما تكلف به، ومن بين هذه الأعمال حراسة المؤسسة التربوية، أي القيام بالعمل الذي يقوم به أعوان الأمن.
”اعتقدنا عندما صادفنا هذه الحالة أنها استثنائية - يقول تحقيق بحاري - لكن العديد من عاملات النظافة يقمن بها، في جميع المؤسسات التربوية عبر التراب الوطني، فحسب تصريح إحداهن على الرغم من أنه لم يتبق لها سوى سنة واحدة وتحال على التقاعد، إلا أنها تستغل استغلالا بشعا من قبل مسؤولي المؤسسة التي تعمل فيها، حيث أكدت أنها تقوم في كثير من الأحيان، وحسب الدور، بحراسة المؤسسة حتى ساعات متأخرة، مثلما حدث لها يوم عيد الفطر، حين قامت بالحراسة إلى غاية التاسعة والنصف ليلا، متسائلة ”هل يعقل لامرأة قاربت سن الستين أن تقوم بحراسة المؤسسة لوحدها ليلا دون حماية؟” وأضافت قائلة ”كنت أعتقد أن العمل في مؤسسة تربوية أرحم من العمل في مؤسسات أخرى، لكن تفاجأت بالعكس، ما نعانيه أشبه بالجحيم في ظل تسلط المدراء”.
سرطانات وحروق تفتك بعمال تناستهم الحكومة
ويقول التقرير ”هكذا إذن يموت الضعفاء بقطاع التربية.. ويخرجون من الأبواب الضيقة”، مؤكدا أن فئة 130 ألف عامل مهني أضحت ”مدمنة على البقول الجافة والعجائن بأجورها التي لا تلبي أدنى شروط الحياة، في ظل خطر الأمراض المزمنة والخطيرة التي تتخبط فيها هذه فئة”.
وأردف أن ”الفئات التي تتعرض للمخاطر والعاهات وكذلك الأمراض المزمنة والخطيرة بقطاع التربية الوطنية بالدرجة الأولى هي فئة الأعوان والمعاونين التقنيين للمخابر A.T.L و A.T.S بالإكماليات والثانويات والمعاهد من السموم القاتلة الفتاكة التي تستعمل في التجارب اليومية الخاصة بالأعمال التطبيقية في مادتي الكيمياء والعلوم الطبيعية ومادة العلوم الفيزيائية دون أدنى شروط الوقاية والأمن التي تحمي هذه الفئة من مخاطر وكوارث الأحماض المركزة بدرجة عالية تصل إلى 99% من التركيز في تحضير الأعمال التطبيقية كحمض الكبريت، وحمض كلور الماء، وحمض الآزوت، وحمض البيكريك، ناهيك المواد الكيميائية التي تتفاعل وتنفجر مع ارتفاع دراجة الحرارة، وتبخرها كذلك عند تعرضها للهواء، أو انفجارها عندما تكون متقاربة ببعضها البعض.
وحسب التقرير فإن ”المواد الكيميائية الخطيرة تستطيع إحداث تشوهات جينية، وكذلك احتمال إتلاف النسيج البصري الحاد، وسرطان الجيوب الأنفية، حتى المعادن الصلبة ليست في مأمن من تبخر هذه المواد التي تعرض رئة المخبريين والمخبريات يوميا، وعلى مدار السنة الدراسية لبصق وسعال الدم، كذلك السموم القاتلة مثل الزئبق، السيانور، ومخاطر الصوديوم، وحمض الكلور المحرم دوليا في اتفاقيات جنيف”. ويشير التقرير إلى أن ”عددا كبيرا من فئة عمال المخابر تعرضوا للحروق البالغة، والناتجة عن الشرارات الكهربائية عند ممارستهم للمذيبات الخطيرة في الأعمال التطبيقية، مثل تقطير البترول الخام، الكحول، والبنزين وما يشبه ذلك، في حرق المعادن التي تترتب عليها شر العواقب مثل فقدان حاسة الشم وسعال الدم من جراء ممارستهم لهذه المواد في المخابر، التي تصلح لكل شيء إلا لأن تكون مخبرا، لأنه لا تتوفر فيها الشروط اللازمة التي تسمح للمخبري بالتعامل مع هذه المواد القاتلة”. وأدخل غياب الشروط الضرورية ”عددا من المخبريين للمستشفى بسبب تعرضهم للمرض الخبيث، كالسرطان منهم 2 من بولاية عنابة يصارعون الموت، و2 من ولاية الجزائر، وأحدهم ببصق وسعال الدم، وأخرى بسرطان الجيوب الأنفية، وآخر من ولاية تبسة بالمرض الخبيث من جراء اقترابهم وممارستهم لهذه المواد التي تحرق كل ما يوجد أمامها، وكذلك بالنسبة للإداريين والوثائقيين وعمال المكتبات الذين يتعرضون للحساسية، وأمراض الربو جراء عملهم بالأرشيف الذي يفوق عمره 40 سنة، من التراكم والتآكل الذي لحق به بسبب تقادمه والوزارة الوصية لم تمنح لهم ولو منحة واحدة خاصة بهذه المخاطر”.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]