يشير لفظ الفعالية إلى معنى قوة التأثير الإيجابي في الأشياء سواء كانت طبيعية أو إجتماعية ، ونحن هنا نقصد بالفعالية : فعالية الإنسان
فبماذا يرتبط وجود هذه الفعالية ياترى ؟ هل يرتبط بتوفر الإمكانات ؟أم بالعلم ؟أم بالمال ؟ أم بعوامل أخرى ؟
فلنتحقق من فرضياتنا السابقة من خلال منطق التجربة التاريخية :
الفرضية الأولى : توفر الإمكانات : لماذا بعض الناس وبعض الشعوب في الحاضر والماضي توفرت لديها الإمكانات ولم تتمكن من تحقيق الفعالية المطلوبة عكس أخرى حققتها مع قلة
امكاناتها.؟
الفرضية الثانية : توفر العلم :لماذا بعض الناس على الرغم من تحصلهم على أعلى الشهادات العلمية لكن ليس لهم أي انتاج أومساهمة في حل مشاكل الإنسانية المتعددة ،ومثلهم بعض
الشعوب التي ما فتأت تشيد المدارس والجامعات الفخمة وتكون الكوادر وتنتج العبقريات لكنها عجزت عن تحقيق الفعالية المطلوبة حضاريا التي تبوءها المكانة المحترمة بين شعب المعمورة ،على نقيض هؤلاء أناس وشعوب أخرى استطاعوا بما وصلوا إليه من العلم من تحقيق هذه الفعالية؟
الفرضية الثالثة : وجود المال :لماذا بعض الناس والشعوب(الشعوب العربية من بينها) على الرغم مما حظيت به من مال غير انها تفتقر إلى الفعالية المطلوبة ،على نقيض منها أخرى
حققت هذه الفعالية .
اذن منطق التجربة التاريخية قد دحض الفرضيات الثلاثة كما تلاحظون فلم يبق سوى أن نبحث عن عوامل أخرى كشروط لتحقق الفعالية :
إن أول الشروط لوجود الفعالية وتحققها هو الحرية :ذلك أن فعالية الإنسان مرتبطة بقدرته وقدرته مرتبطة بإرادته وإرادته مرتبطة بحريته فكلما اتسعت حريته اتسعت إرادته ،فقدرته،ففعاليته ليصبح مجالها الكون برمته "لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لأدركته"حديث مأثور. فعندما طلب ابن شداد من عنتر الكر فكيف كانت إجابة عنتر له ؟:إن العبد
لا يحسن سوى الحلب والصر ، فعندئذ قال له كر فأنت حر ،فما كان من العملاق إلا أن يستيقظ داخل نفس عنتر بعد حصوله على حريته وكرامته لينطق مخلدا أروع البطولات
التي خلدتها معلقاته .وكلما ضاقت هذه الحرية ضاقت معها إرادته ، فقدرته ، ففعاليته .ونعني بحربة الإنسان :أن يكون آمنا على رأيه ،فكره ،عقيدته ،قوته ومسكنه .لا يخاف إلا الله
والذئب على غنمه.قادر على اختيار الأفضل في كل شيء......يتبع