السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..في عز فصل "
الربيع العربي".. وبعيدا عن ضوضاء وضجيج "
انتخابات" لا "
دخان أبيض" لها.. وقف الأستاذ فوق "
الهضبة" العالية المشرفة على "
الشاطئ" يستنشق الهواء النقي.. ويتأمل "
حقول القمح" الممتدّة حواليه وقد قارب "
وقت الحصاد".. بعد أن جفّت "
الأقلام" وانحنت "
الظهور" تحت حملها الوفير..
إمتلأ قلب الأستاذ بالرضا.. فها هو يمسح تعب الشهور ـ بل السنين ـ الطويلة التي قضاها في رعاية "
الحقل".. وهاهو يقترب من تحقيق حلمه الكبير بـ"
الزواج" من خطيبته المحبوبة بعد أن يجني محصوله الوفير..
غير أن شيئاً مباغتاً أفزع الأستاذ وأيقضه من أحلامه.. فقد أحس بـ "
هزة أرضية" من تحت أقدامه.. ونظر إلى الشاطئ فرأى "
الماء يتراجع" إلى الوراء..!! فعرف من خبراته أن "
الكارثة" على الأبواب..!! فالماء حين يتراجع إلى الوراء يشبه "
الوحش" الذي يتراجع إلى الخلف ليستجمع كلّ قواه كي ينقضّ على "
فريسته" بضراوة وعنف..!!
ولكن لماذا يخاف وهو "
فوق" الهضبة..؟؟ ربما يتبادر لنا هذا السؤال..!!
لكن خوف الأستاذ يكمن في إدراكه لحجم الكارثة التي ستتعرض لها "
قريته الصغيرة" المتواجدة في "
سفح الجبل".. والتي يسكنها "
فقراء" لا يملكون ـ مُذ "
الاستقلال" المزعوم ـ سوى "
أكواخهم" المتواضعة جداً..!!
لم يكن الوقت كافياً للنزول إلى السفح لتحذير الناس.. فصاح من فوق الهضبة حتى كادت حنجرته تنفجر.. فلم يسمعه أحد.. وبعد لحظات من الحيرة والقلق اتخذ الأستاذ قرارًا حاسمًا.. لقد "
أضرم النار" في "
حقله الصغير"..!! ليثير انتباه مَن في سفح الجبل..
ونجحت حيلة الأستاذ.. فقد تدافع الجَمْع صاعدين إلى أعلى الهضبة لـ"
إنقاذ الحقول".. بينما هبط هو ليلاقيهم في منتصف الطريق ليعيدهم لـ "
إنقاذ الفحول".. أطفال "
القريصات والخشيبات".. والنساء "
الماكثات بالبيوت".. والشيوخ "
الآئلين للزوال".. ومختلف "
حاجاتهم" القليلة..
لم يتزوج الأستاذ في تلك السنة.. ولم يسدّ "
احتياجاته الضرورية".. ولم يشتر "
فستانًا" لـ"
أخته الصغيرة".. ولم يأخذ "
أمّه العجوز" إلى المدينة لـ"
العلاج والاستشفاء" من الآم "
الروماتيزم".. لكنه أنقذ حياة "
قرية" كاملة.. فحُمِل على الأكتاف.. وأصبح "
مدير" القرية وعمدتها.. بعد أن أثبت أنه قادر فعلا على حمل المسؤولية في أحلك الظروف..
وفي العام التّالي حقّق الأستاذ/المدير أحلامه.. الّتي أجّلها لكي لا يخسر الآخرون أحلامهم وحياتهم.. الاهداء: إلى كل أستاذ(ة) نقابي شريف أجّل الكثير من أحلامه حتى لا يخسر الآخرون حقوقهم وأحلامهم..