| التغذية الراجحة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mahi med عضو فضي
عدد المساهمات : 393 نقاط : 609 تاريخ التسجيل : 30/01/2012
| موضوع: التغذية الراجحة الأحد أغسطس 26, 2012 12:43 pm | |
| سرنا على خطة الأمس ، فوصلنا في يوم الغد إلى اليوم ، وهي ميزة سلبناها من سقم التخطيط الآني الارتدادي، سمعنا فلم ننس ،رأينا فلم نتذكر ومارسنا الذي يمارس عشوائيا فلم نفهم ولم نُفْهَمْ ، لم نحدد ما نريد ولم تكن خطواتنا عملية فيما نريد ، فافتقدنا الرؤية المثالية لما يُتوقع واتسمت حياتنا بالهولامية وأصبح الواحد منا شكلا سديميا أصم. الانهزام عند الخطأ والجبن عند فعل القبيح يجعلان الواحد منا يمتلك الكافي من الحكمة لتمييز الصحيح من الأعمال ومن ثم تحقيق الرغبة في تأدية ما يمكن منها وتنفيذه. إن ما ورثناه ممن سبقونا في المهنة لا يحدداليوم موقعنا ـ كفاعلين ـ في المنظومة التربوية ، كما أننا لسنا مجبرين على البقاء في الأمور الدونية منها. فلا جرم إن كانت إمكاناتنا متباينة ، فما يوجد عند البعض لا يوجد عند الآخر، بيد أننا نشترك في قوى كامنة لدى كل واحد منا هي بحاجة إلى تحفيز وبها نستطيع تحقيق ما نبغي،لذا وقد اختير لنا اللقاء في هذا المنتدى ، فإني أهيب براوده وقد شحت أفكارهم وجفت أقلامهم طيا لجنبات خيمته ، أهيب بهم صلب الصمت على أعمدتها ، وهو طلب ألتمس تنفيذه ، فإن جال بعضه في خواطركم فأنا وأنتم عليه سواء. أيها الأفاضل هل من خطوة تتلوها خطوة وخطوات أخرى للإبداع والتقارب والتواصل درءا للانهزامية ،لليأس ، للقنوط وضعف الهمة. بالود والوفاء يدوم اللقاء... وحسن الشمائل للنفوس دواء
عدل سابقا من قبل mahi med في الثلاثاء أغسطس 28, 2012 5:49 am عدل 2 مرات | |
|
| |
bakri abderrachid عضو متميز
عدد المساهمات : 145 نقاط : 223 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: رد: التغذية الراجحة الأحد أغسطس 26, 2012 8:31 pm | |
| - mahi med كتب:
- سرنا على خطة الأمس ، فوصلنا في يوم الغد إلى اليوم ، وهي ميزة سلبناها من سقم التخطيط الآني الارتدادي، سمعنا فلم ننس ،رأينا فلم نتذكر ومارسنا الذي يمارس عشوائيا فلم نفهم ولم نُفْهَمْ ، لم نحدد ما نريد ولم تكن خطواتنا عملية فيما نريد ، فافتقدنا الرؤية المثالية لما يُتوقع واتسمت حياتنا بالهولامية وأصبح الواحد منا شكلا سديميا أصم.
الانهزام عند الخطأ والجبن عند فعل القبيح يجعلان الواحد منا يمتلك الكافي من الحكمة لتمييز الصحيح من الأعمال ومن ثم تحقيق الرغبة في تأدية ما يمكن منها وتنفيذه. إن ما ورثناه ممن سبقونا في المهنة لا يحدداليوم موقعنا ـ كفاعلين ـ في المنظومة التربوية ، كما أننا لسنا مجبرين على البقاء في الأمور الدونية منها. فلا جرم إن كانت إمكاناتنا متباينة ، فما يوجد عند البعض لا يوجد عند الآخر، بيد أننا نشترك في قوى كامنة لدى كل واحد منا هي بحاجة إلى تحفيز وبها نستطيع تحقيق ما نبغي،لذا وقد اختير لنا اللقاء في هذا المنتدى ، فإني أهيب براوده وقد شحت أفكارهم وجفت أقلامهم طيا لجنبات خيمته ، أهيب بهم صلب الصمت على أعمدتها ، وهو طلب ألتمس تنفيذه ، فإن جال بعضه في خواطركم فأنا وأنتم عليه سواء. أيها الأفاضل هل من خطوة تتلوها خطوة وخطوات أخرى للإبداع والتقارب والتواصل درءا للانهزامية ،لليأس ، للقنوط وضعف الهمة. بالود والوفاء يدوم اللقاء... وحسن الشمائل للنفوس دواء
من معلقة أمروء القيس
وَوَادٍ كجَوْفِ الْعَيرِ قَفْرٍ قطعْتُهُ ****** بهِ الذئبُ يَعوي كالَخليعِ الُمعَيَّلِ فقُلتُ لهُ لما عَوى: إِنَّ شأْنَنا ****** قليلُ ألْغِنى إِنْ كنتَ لَّما تَموَّلِ كِلانا إِذا ما نالَ شَيْئاً أَفاتَهُ ****** وَمَنْ يْحترِث حَرْثي وحَرْثَك يهزِل
| |
|
| |
mahi med عضو فضي
عدد المساهمات : 393 نقاط : 609 تاريخ التسجيل : 30/01/2012
| موضوع: وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْـرٍ قَطَعْتُـهُ الأحد أغسطس 26, 2012 10:09 pm | |
| أخي عبد الرشيد : شكرا على المرور والرد ، لكن قل لي بربك من يقرأ زابورك يا داود ، فالابيات التي جئت بها قد تعبر عن حال من أحوال الشاعر ودنياه .والذي يقلقني من هذه الأبيات هو الشطر الأول من البيت الأول فقد حاول الكثير من الشراح الاقتراب من معناه ،لكنهم لم يصلوا لأن شروحاتهم لم تقنعني. ولعلني أطلعك على بعضها وقل لي ما الأصوب فيها إلى المعنى الذي يقصده الشاعر الاقتراب 1 : أن الشاعر شبّه الوادي في خلائه من الأنس والنبات ببطن العير وهو الحمار الوحشي إذا خلا من العلف (وهذا الشرح فيه ضعف وسماجة مقارنة مع قوة معاني الشاعر فيما سبق من أبيات.
الاقتراب 2 : شبّه الشاعر الوادي في قلّة الإنتفاع بهِ بجوف العير لأنه لا يركب ولا يكون لهُ درّ أي لا ينتفع بهِ (وهذا الشرح غير مقنع)
الاقتراب 3 : شبه الشاعرالوادي بوادي سكنه ِ رجل ممن تبقى من قوم عادٍ وكان موحدا وذات يوم سافر بنوه فاصابتهم صاعقة فأهلكتهم فأشرك بالله وكفر بعد التوحيد فأحرق الله أمواله والوادي الذي كان يسكن بهِ فلم ينبت بعدهُ شيء (وهذا الشرح غير مقنع ولا يتماشى مع القوّه المعهوده من الشاعر فيما سبق من ابيات)
الاقتراب 4 : أنه شبّه الوادي الذي مرَّ بهِ بوادٍ إسمهُ وادي العير وكل وادٍ عند العرب جوف ( فمن هذا الشرح يصبح المعنى ووادٍ كوادي وادي العير وهذا الشرح بعيد كل البعد عن المعنى)
| |
|
| |
bakri abderrachid عضو متميز
عدد المساهمات : 145 نقاط : 223 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: رد: التغذية الراجحة الإثنين أغسطس 27, 2012 12:57 pm | |
| فقط استاذنا شاعر الخيمة ـ محى الله ذنوبك ـ بشفاعة من تسميت باسمه وبصفته , تخيلتك امرأ القيس الذي قال : وقد أغتدي والطيرُ في وكناتِها بـمُـنـجِردٍ قــيدِ الأوابــدِ هَـيـــكلِ مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقبـلٍ مُـدبـرٍ معـاً كجلمودِ صخرٍ حطَّهُ السيلُ من عَـلِ منطلقا في الشعاب والوديان مهموما مغموما و لم يجد قي طريقه في مثل هذه الأماكن المقفرة الموحشة إلا امثالي . اقرأ إن شئت هذا التحليل لـ : الأستاذ الدكتور كريم الوائلي في كتابه : (الشعر الجاهلي قضاياه وظواهره الفنية ) لعلك تجد بغيتك : ولاتقتصر تجربة امرئ القيس في الحاضر الدال على الانفصام على الطلل المجدب المقفر، أو على الليل الذي يسحق الشاعر ويخني عليه بكلكله، بل يتجاوز ذلك إلى رحلة في واد مقفر يشبه جوف الحمار الوحشي، وتتجسد في هذا الوادي غربة امرئ القيس ووحدته، كما ان وحدة الشاعر واغترابه تتماثل إلى حد كبير مع حالة ذئب يعوي ويبحث عن قوته وطعامه، يقول امرؤ القيس : وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ بِهِ الذئبُ يَعْوي كالـخـلـيع المُعيَّلِ فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَي : إنَّ شَأَننــا قَليلُ الـغِـنـى إنْ كُنتَ لمَّـا تَمَّـولِ كِلانَا إذا مَا نَالَ شَـيـئـاً أَفاتَهُ وَمَنْ يَحتـرِثْ حَـرثي وحـرثَكَ يهزِلِ ومن الملاحظ أنَّ امرأ القيس يضفي على الذئب صفات إنسانية لتعبر عن تماثل حالتيهما، وكون الذئب ذا عيال يطالبونه بالقوت والطعام . ومن خلال تبادل المعاني داخل النص يمكننا القول : إنَّ الشاعر والذئب يتماثلان في خصائص مشتركة، فكل منهما منفرد وحده في واد مقفر، وهما ـ هنا ـ يفتقران إلى التواصل مع الآخر، كما انَّ كليهما قد خلع من جماعته، وإذا كان الذئب يعوي فإنَّ الشاعر يماثله بصراخ يشكو فيه من غربته في هذه الحياة . إنَّ عزل الشاعر من قبيلته خلعا أو بإرادته إنما هو لون من ألوان الانفصام الاجتماعي ومن هنا كان حاضر امرئ القيس سيئاً بائساً، إذ يقطع منفرداً وادياً مقفراً ولايلتقي فيه إلا بذئب يخلع عليه الشاعرصفاته الخاصة، ولم يكن يماثل الذئب بعزلته الاجتماعية واغترابه ووحدته فحسب، بل انَّ كلاً منهما قليلة أمواله، وانَّ كلاً منهما قد أتلف ما لديه من أموال، لأنَّ من يسلك طريق الشاعر أو طريق الذئب لابد أن يكون هزيل الجسم قليل الزاد، وتتجلى حالة التوحد بين الذئب والشاعر من حالة التماثل بالصورة، وتتجلى بالتعبير « إنَّ شأننا » و«كلانا » في قوله : فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَي : إنَّ شَأَننــا قَليلُ الـغِـنـى إنْ كُنتَ لمَّـا تَمَّـولِ كِلانَا إذا مَا نالَ شَـيـئـاً أَفاتَهُ وَمَنْ يَحتـرِثْ حَـرثي وحـرثَكَ يهزِلِ
....................................... ـ الوكنات : مواقع الطير، المنجرد : الماضي في السير، الاوابد : الوحوش، الهيكل : العظيم . ـ الكر : العطف، الجلمود : الحجر، الحط : القاء الشيء من أعلى إلى أسفل . ـ الجوف : باطن الشيء، العير : الحمار، الخليع : الذي خلعه أهله، المعيل : الكثير العيال . ـ الزوزني، شرح المعلقات السبع، ص 41 ـ 42 .
| |
|
| |
mahi med عضو فضي
عدد المساهمات : 393 نقاط : 609 تاريخ التسجيل : 30/01/2012
| موضوع: هل في صدر البيت إعجازعلمي؟ الإثنين أغسطس 27, 2012 3:28 pm | |
| أخي عبد الرشيد يا صاحب الرأي السديد ، أسأل الله أن يقبل دعاءك.نعم قد يكون حالي شبيها لما تفضلت به في أبيات الشاعر واشكرك على ما تقدمت به من شرح للبيت المحير . غير أني مازلت لم أقتنع بالشرح. حقيقة البساطة والبراءة البدوية بادية على البيت ، ففي الظاهر يقول الشاعر وهو ملك ضليل :أنه قطع مسافرا واديا مقفرا وكان هناك ذئبة تعوي وهي صورة مضللة يتعداها بعض الشراح إلى الاعجاز العلمي الرائع والسبق الفكري الكبير وهو : أن تشبيه الوادي المقفر بجوف العير يدل على ملاسته ومن هذه الملاسة تحدث انعكاسات صوت عواء الذئب الصوتية التي تتردد كصدى في الوادي وكأنه قادم من الكثير من الذئاب كما يتضح من استخدام كلمات الخليع المعيل، أي أن صوت الذئب الواحد (الخليع) يعود كأصوات “عياله” من الذئاب. لاحظ أن استخدام كلمة معيل يدل أيضا على تخافت الصوت مع مرور الصدى حيث أن مصراع الصوت من الذئب العيل أقل شدة من صوت أبيه الذئب. أما استخدام كلمة “قطعته” في هذا البيت، فيدل على ديناميكية الحركة ولأن ذلك جاء في سياق انتشار الصوت وانعكاسه ، فإن استعمالها هنا ضرب من العبقرية العلمية التي تدل على اكتشاف أمرؤ القيس للأثر المعروف بأثر دوبلر Doppler Effect. ولأن أثر دوبلر هذا لا يتم إلا في الظاهرة الموجية ، فنرى الآن جليا أن امرؤ القيس ، وفي جملة إعجازية واحدة قد تنبأ بموجية الصوت والصدى قبل أكثر من ألف وخمسمائة عام من اكتشاف الغرب لها. | |
|
| |
bakri abderrachid عضو متميز
عدد المساهمات : 145 نقاط : 223 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: رد: التغذية الراجحة الإثنين أغسطس 27, 2012 4:25 pm | |
| مخافة أن نتجاوز مقاصد الشاعر وتحميل نصه اكثر مما يحتمل اقترح عليكم استاذنا - وانتم ادرى بهذه المشكلة في مجال النقد - هذا المقال تعميما للفائدة والمرجع في آخر المقال . [b] من ضوابط قراءة النصوص في النقد العربي د. وليد قصاب يَزْعم بعض النَّقاد العرب الحداثيِّين - إنْ عَنْ حُسْن نيَّة؛ بسبب عدم الاستِقْراء الدقيق للنصوص، وإنْ عن تجاهل متعمَّد -: أنَّ فكرة "تعَدُّد القراءات" أو فكرة تعدد الدلالات في النُّصوص، هي فكرة جديدة على النَّقْد العربي، وهي من فُتوحات النقد الحداثيِّ وما بَعْد الحداثي. يقول كمال أبو ديب، أحد كبار نُقَّاد الحداثة - متحدِّثًا عن تعدُّد دلالات النصِّ -: "إنَّها خصِّيصة خرجَتْ على وحدانيَّة البُعْد، ووحدانية المعنى في التراث الشِّعري، وأسست التعدُّد بدلاً من الوحدانيَّة جذرًا للفاعليَّة الشعرية، وينبوعًا من ينابيع الرُّؤيا الحديثة للعالَم"[1]. وهذا كلامٌ مِن أعجب العجَب؛ إذْ هل يعقل أن يكون ناقدٌ كبير بِحَجم "كمال أبي ديب" جاهلاً وُجود عشَرات النُّصوص في التراث النَّقدي العربي التي تتحدَّثُ عن تعدُّد دلالات النَّص الأدبي عامَّة، والنصِّ الشِّعري خاصَّة؟! ها هو ذا القاضي الجرجانيُّ في كتاب "الوَسَاطة بين المتنبِّي وخصومه" ينصُّ صراحةً في موطن تأويله لبعض شِعْر أبي الطيِّب: "أنَّ باب التَّأويل واسع، والمقاصد مغيَّبة"[2]. ويقول ابنُ الأثير في "المثل السائر": "إنَّ باب التأويل غيرُ محصور.."[3]. ويتعمَّق ابنُ رشيق في هذه القضية أكثر، فيُشير إلى ظاهرة تعدُّد القراءات، وإلى غِنَى النُّصوص الشعرية خاصة بالدلالة؛ مِمَّا يفتح الباب في تأويلها واسعًا، ويؤسِّس ثقافة التعدُّد، وبدلاً من الوحدانيَّة التي يَنْفيها "أبو ديب" عن التُّراث، ويجعلها من ينابيع الرُّؤيا الحديثة للعالَم. يقول ابنُ رشيق في بابٍ يسمِّيه أصلاً "باب الاتِّساع": "وهو أن يَقول الشاعر بيتًا يتَّسِع فيه التأويل، فيأتي كلُّ واحد بِمَعنى"[4]. ثم يبيِّن ابنُ رشيق في العبارة السابقة نفسها أسبابَ هذا الاتِّساع، فيقول: "وإنَّما يقَعُ ذلك لاحتمالِ اللَّفظ وقوَّتِه، واتِّساع المعنى". وتتجلَّى ملامحُ هذه القضيَّة بَعْد ذلك كثيرًا في أجيج الخُصومة النقديَّة، الَّتي شبَّتْ حول أبي تَمَّام؛ إذِ اتَّسَع مجالُ القول في معاني الطَّائي بسبب ما اتَّسمَتْ به من عُمْق وغموض؛ مِمَّا فتح باب التأويل فيها، وفهم دلالاتها، على مِصْراعيه". يقول التبريزيُّ عن بعض أبيات أبي تمام: "رُبَّما احتمل البيت معنيَيْن، ويكون أحَدُ المعنيين أقوى من الآخر، فلا يُميِّز بينهما إلاَّ مَن حَسُن فهْمُه، وصَفا ذِهنُه؛ لأنَّ نقد الشعر أصعب من نَظْمه"[5]. ولو مضى الباحِثُ يستقصى ما وردَ في نقدنا العربي القديم من نصوصٍ واضحة الدلالة حول وجود هذه الظَّاهرة "ظاهرة تعدُّد القراءات"، واتِّساع الدلالات في النُّصوص الأدبية - لَمَلأ في ذلك الصَّفحات. إنَّ هذه ظاهرةٌ متأصِّلة في التراث الأدبي والنَّقدي، ولم تكن في انتظار فُتوحات الحداثيِّين حتَّى تَخْرج إلى النُّور، وكم بُنِيَت كثيرٌ من خلافات اللُّغويين والنقاد والفقهاء والأصوليِّين على سبَب اختلاف التَّأويل، والاتِّساع في تغيُّر النُّصوص، من مُنطلَق الإيمان بأنَّ النصَّ العظيم الرَّائع غنِيٌّ بالدلالة، مكتَنِز بالمعاني، وقد قال علماؤنا عن القرآن الكريم - هذا الكتاب البلاغيِّ المعجز -: "إنَّه حَمَّالُ أوجُه"؛ مشيرين بذلك إلى الثَّراء اللُّغوي الذي يحمله نظْمُه، فيجعله منفتحًا على أفقٍ رَحْب من التَّفسير والتأويل على أيدي العالَم البصير الذي يستطيع استِنْباط ذلك، والوقوع عليه في ضوء ما تحتَمِله لغةُ النَّص قبل كلِّ شيء. تعدُّد الدلالات في النصوص: أدرك النَّقدُ العربي منذ فترة مبكِّرة - ومن قبل أن يُصبح ذلك (تقليعة) يتَناقلها اليوم نُقَّاد الحداثة وما بعد الحداثة - أن النصَّ الأدبي غنيٌّ بالدلالات، وأنَّه مِن أجْلِ ذلك قد يحتمل وجوهًا متعدِّدة من التأويل، وقد يتَّسِع فيه مجالُ التَّفسير والقراءة، وإبداء الرَّأي. جاء في "الوساطة" في نَقْد عليِّ بن عبدالعزيز الجرجاني لِبَيْت أبي الطَّيب المتنبي: مَا بِقَوْمِي شَرُفْتُ بَلْ شَرُفُوا بِي وَبِنَفْسِي فَخَرْتُ لاَ بِجُدُودِي قوله: "فخَتَم القول بأنه لا شرَف له بآبائه، وهذا هَجْو صريح، وقد رأيت مَن يَعْتذر له فيزعم أنَّه أراد: ما شرفتُ فقط بآبائي؛ أيْ: لي مَفاخرُ غير الأبُوَّة، وفِيَّ مناقِبُ سوى الحسَب، وباب التَّأويل واسع، والمقاصد مُغيَّبة، وإنَّما يُستشهَد بالظَّاهر، ويتبع موقع اللَّفظ"[6]. وأورد ابنُ رشيق بيتَ امرئ القيس في وصف فرَسِه: مِكَرٍّ، مِفَرٍّ، مُقْبِلٍ، مُدْبِرٍ مَعًا كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ تحت ما سَمَّاه "باب الاتِّساع"، فذكَرَ أكثر من تفسيرٍ له، ثم عقَّبَ على ذلك هذا التعقيبَ الذكي، فقال: "يقول الشَّاعر بيتًا يتَّسِع فيه التأويل، فيأتي كلُّ واحدٍ بِمَعنى، وإنَّما يقع ذلك لاحتمال اللَّفظ، وقُوَّته، واتِّساع المعنى"[7]. وزاد البغداديُّ في "خزانة الأدب" على ما أثبتَه ابنُ رشيق من توجيهاتٍ لبيت امرئ القيس، ثم علَّقَ على ذلك قائلاً: "هذا ولم تَخْطر هذه المعاني بخاطر الشَّاعر في وقت العمل، وإنَّما الكلام إذا كان قويًّا مِن مثل هذا الفحل احتمَلَ لقوَّتِه وُجوهًا من التأويل؛ بِحَسب ما تحتمل ألفاظه، وعلى مقدار قُوى المتكلِّمين فيه"[8]. التأويل وقصد المتكلم: ولكن النَّقد العربي - كما هو واضحٌ - يحترم النَّص ودلالاته اللغويَّة، وذلك مقدَّم عنده على ما يسمى بـ"مقصديَّة المؤلِّف". وها هو ذا الآمدي - صاحب كتاب المُوازنة بين الطائِيَّيْن: أبي تمام والبُحْتري - يردُّ على تهمة وجَّهَها إليه أنصارُ أبي تمام؛ إذْ رمَوْه بأنه لم يَفْهم ما قصده شاعِرُهم من كلامه، ولم يدرك ما رمى إليه في قوله: الوُدُّ لِلقُرْبَى وَلَكِنْ عُرْفُهُ لِلأَبْعَدِ الأَوْطَانِ دُونَ الأَقْرَبِ فأبو تَمَّام الذي نقَدَه الآمديُّ بأنَّه قد نقَصَ الممدوح بِرُتبةٍ من الفضل، وجعَلَ وُدَّه لذوي قرابته، ومنهم عرفه، وجعله في الأبعدين دونَهم" لَم يفهم - في زَعْم ناقديه - كلام أبي تَمَّام، فأبو تمَّام أخرج أقارِبَه من المعروف؛ لأنَّهم في غِنًى وسعَة. يردُّ الآمديُّ على هؤلاء النَّاقدين قائلاً: وكيف يُعلَم أنَّهم أغنياء، وليس في ظاهر لَفْظ البيت دليلٌ عليه، قال: نَوى وأراد، قلتُ: ليس العمل على نيَّة المتكلِّم، وإنما العمل على ما توجبه معاني ألفاظِه، ولو حمل كلام كلِّ قائل، وفعل كلِّ فاعل على نيته، لَما نُسِب أحدٌ إلى غلطٍ ولا خطأ في قولٍ ولا فعل، ولكان مَن سدَّد سهمًا وهو يريد غرَضًا فأصاب عين رَجُل فذهبَتْ، غيرَ مخطئ؛ لأنَّه لم يعتَمِدْ إلاَّ الغرض، ولا نوى غيرَ القِرْطاس"[9]. وهي عبارةٌ تستنبط منها - على وجازتها - مجموعةٌ من الأحكام التي تتعلَّق بتأويل الكلام أو تفسيره، منها: 1- أن النصَّ وحْدَه هو المخوَّل بإعطاء الدلالة، وفَرْز المعنى المُراد، ومنه وحده تُستنبط الأحكام، وتستخرج المفاهيم، وبذلك يحتفِظُ النصُّ - بما تعطيه معاني ألفاظه - بِهَيبته ومكانته وسُلْطانه، ولا يعتدي عليه معتدٍ. 2- أنَّ فكرة "أن المعنى في بطن القائل" - كما يَقُول بعضهم - غيرُ صحيحة؛ لأنَّ الناقد لا يُعوِّل على نوايا المتكلِّم، وهو غير قادرٍ على ذلك أصلاً: لا شرعًا ولا عقلاً؛ فالنِّيات لا يَعْلَمها إلاَّ علاَّم السرائر، والناقد ليس عرَّافًا ولا قارِئَ فنجان، وإنَّما هو متلقٍّ يقوم بنشاطٍ عقلي منطقي تُمْليه لغةُ النَّص الذي أمامَه، وطبيعة ألفاظه وعباراته، تُمْليه - كما يقول الآمديُّ - "معاني ألفاظ المتكلِّم". وهذا عندئذٍ يُلْغي فكرةَ "مقصديَّة المتكلِّم"، ويحيل على مقصديَّة النَّص، ويعطيه السُّلطان على نَحْو ما فعلَت البنيويَّة بعد ذلك بقرون. وها هو ذا عبدالقاهر الجرجانيُّ يؤكِّد في نصٍّ بالغِ الدلالة أهميَّةَ مرجعية النص، وأنَّ احتمالية ألفاظه هي الأساس في كلِّ ما يذهب إليه المؤوِّل، أو يَعْدل إليه المفسِّر، وهو ينعي على قومٍ يُفْرِطون في التأويل، والتكثُّر من الْتِماس دلالات متعدِّدة من النَّص من غيرِ سنَدٍ لفظي في النَّص يُرشِدُهم إلى ذلك. يقول عبدالقاهر: إنَّ الإفراط هو ما يتَعاطاه قومٌ يحبُّون الإغراب في التأويل، ويحرصون على تكثير الموجود، وينسَوْن أنَّ احتمال اللفظ شرطٌ في كلِّ ما يعدل به عن الظَّاهر، فهم يستَكْرِهون الألفاظ على ما لا تقلُّه من المعاني"[10]. 3- أنَّ سلطان القارئ إذن أو سلطان المتلقِّي - خلافًا لما يقوله التفكيكيُّون وأصحابُ نظرية التلَقِّي - منضبطٌ بالنَّص المقروء، محكومٌ بدلالة ألفاظه، ومعاني عباراته، وليس سلطانًا مطلَقًا، يجعل هذا القارئَ يُؤوِّل النصَّ كما يشاء، أو يَقْرؤه على هواه، حتَّى ليقوِّله ما لم يقل، أو يُنطِقه بما لم يَنْطِق. 4- وعبارة الآمديِّ النقديَّة البليغة لا تُنكر ما يمكن أن يحمله النصُّ من دلالات متعدِّدة، أو توجيهات مختلفة، ولكنَّها - مرة أخرى - تجعل ذلك نابعًا من النصِّ ذاته بما فيه من إمكانات، وبما يفرزه من المعاني والأفكار، وليس بما يُحْمَل عليه حملاً، أو يُكْره عليه إكراهًا، استجابةً لسلطانِ زاعم أنَّ القارئ وحده هو الذي يمتلكه. إنَّ الصيد في جوف النَّص، والقارئ يستخرجه، ولن يستطيع أن يستَخْرِجه - دائمًا - أيُّ قارئ، بل القارئُ الدَّرِبُ المتمرِّس، وبذلك نحترم طرفَيْن من أطراف معادلة العمَلِيَّة الأدبية، هما النصُّ والقارئ، ولا نَسْتهين بأحدهما أو نُسْقِطه؛ انحيازًا للطَّرَف الآخَر. 5- وأخيرًا: فإنَّ الاحتكام إلى النصِّ لا يعني تجريدَه - كما يفعل البنيويُّون - من كلِّ خارج: كالمجتمَع، أو التَّاريخ، أو السِّيرة، أو ما شاكلَ ذلك؛ لأنَّ هذا الخارج قد يكون في أحيانٍ غير قليلة جزءًا من الداخل، وقد تكون "معاني ألفاظه" التي يحيل عليها الآمديُّ محكومةً بهذا الخارج، بل آخذةً أبعادها الحقيقيَّة من خلاله، فقد يكون - وما أكثرَ الأمثلةَ على ذلك - هذا الخارجُ هو الذي شكَّلَها على هذا النَّحْو أو ذاك، فأصبح جزءًا من دلالتها. وها هو الآمديُّ نَفْسه الذي يُحيل على سلطان النَّص، وما توجبه معاني ألفاظه، يُحيل في شعر أبي تمام نفسِه إلى هذا الخارج، ويُوضِّح أنَّ التقاط معاني الألفاظ قد لا يتَّضِح إلا بِمَعرفة هذا الخارج. يورد الآمديُّ بيت أبي تمام: تِسْعُونَ أَلْفًا كَآسَادِ الشَّرَى نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التِّينِ وَالعِنَبِ وهو بيتٌ عابَه بعض النُّقاد، ومنهم أبو العبَّاس، واستنكَروا إيراد هاتين الفاكهتَيْن، فيقول الآمديُّ مدافعًا عن البيت، مبيِّنًا ارتباطَ اللَّفظ المعيَّن بخارج معيَّن: "لهذا البيت خبَرٌ لو انتهى إلى أبي العبَّاس لما عابه"[11]. ومن الواضح أنَّ هذا النقد التراثيَّ - وهو يتحدَّث عن هذه الظاهرة، فيشير إلى وجودها ويؤصِّل لها - لا يَغْفل عن أن يَضْبطها، فيضَعَ لها قواعد دقيقة؛ حتَّى لا تكون فوضى أو مشاعًا لكلِّ قارئ. إنَّ للتأويل ضوابط، من أهَمِّها ضابطان: 1- احتماليَّة لغة النَّص لِمَا يُراد توجيه المعنى إليه. 2- العالِم الحصيف المميِّز. إنَّ سلطان المؤوِّل، أو القارئ - إذًا - ليس عليه سلطانًا مطلقًا كما أشاع ذلك التفكيكيون، أصحابُ نقد ما بعدَ الحداثة اليوم، حتَّى تحول تأويل النُّصوص - حتَّى ما كان منها سماويًّا مقدَّسًا - إلى لعبة يُمارسها كلُّ قارئ بحجَّة ما سَمَّوه "سلطان القارئ" أو "نظرية التلَقِّي"، وما شاكلَ ذلك من المصطَلَحات البَرَّاقة. إن النُّصوص الأدبيَّة العظيمة متَّسِعة الدلالة حقًّا، ولكن استخراج هذه الدلالات الكثيرة مشروطٌ بِجُملة من الشروط، من أهمها ما أشَرْنا إليه. يقول الإمام الغزاليُّ - رحمه الله - في كتابه "فيصل التَّفرقة بين الإسلام والزَّندقة" ذاكرًا أبرزَ قواعد التَّأويل: "معرفة ما يَقْبل التأويل وما لا يقبل التأويل ليس بالهَيِّن، بل لا يستقلُّ به إلاَّ الماهر الحاذق في علم اللُّغة، العارف بأصول اللُّغة، ثم بعادة العرب في الاستعمال: في استعاراتها، وتَجوُّزاتها، ومنهاجها في ضَرْب الأمثال"[12]. ________________________________________ [1] "جدليَّة الخفاء والتجلِّي": صـ244. [2] "الوساطة": صـ374. [3] "المثل السائر": 3/ 112. [4] "العمدة": 2/ 93. [5] "ديوان أبي تمام": 1/ 2. [6] "الوسَاطة": 374. [7] "العُمْدة": 2/ 84. [8] "خزانة الأدب": 3/ 144. [9] "الموازنة": 1/ 179 - 180. [10] "أسرار البلاغة": 343. [11] "النظام"، لابن المستوفي: 2/ 64. [12] "فيصل التَّفْرقة بين الإسلام والزَّندقة": صـ199 (ط القاهرة، تحقيق سليمان دنيا).
رابط الموضوع: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
| |
|
| |
mahi med عضو فضي
عدد المساهمات : 393 نقاط : 609 تاريخ التسجيل : 30/01/2012
| موضوع: رد: التغذية الراجحة الإثنين أغسطس 27, 2012 6:32 pm | |
| إيه يا عبد الرشيد....فعلى مدى اللدقائق التي كنت أقرأ فيها ردك الاخير وأعيدالقراءة كانت تلح علي تلك المعارك الكلامية التي كانت تدور بيننا ونحن طلاب في مجال الادب والفن والكل يدلي بدلوه انطلاقا مما يتبناه من مذاهب أدبية أسست لبروز مدارس أدبية كان لها تاثيرها في أنتاجات الأدباء كتابا وشعراء. أقول لك أخي عبد الرشيد أن ما في ملتي واعتقادي في مجال الفن أن بعض الأدباء يرسمون بالكلمات وآخرون بعزفون بالحروف .لذلك تتعدد القراءات وبتعددها تعطي للمنتوج الأدبي حياةأطول. | |
|
| |
bakri abderrachid عضو متميز
عدد المساهمات : 145 نقاط : 223 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: رد: التغذية الراجحة الثلاثاء أغسطس 28, 2012 9:48 am | |
| - mahi med كتب:
- أخي عبد الرشيد يا صاحب الرأي السديد ، أسأل الله أن يقبل دعاءك.نعم قد يكون حالي شبيها لما تفضلت به في أبيات الشاعر واشكرك على ما تقدمت به من شرح للبيت المحير . غير أني مازلت لم أقتنع بالشرح. حقيقة البساطة والبراءة البدوية بادية على البيت ، ففي الظاهر يقول الشاعر وهو ملك ضليل :أنه قطع مسافرا واديا مقفرا وكان هناك ذئبة تعوي وهي صورة مضللة يتعداها بعض الشراح إلى الاعجاز العلمي الرائع والسبق الفكري الكبير وهو :
أن تشبيه الوادي المقفر بجوف العير يدل على ملاسته ومن هذه الملاسة تحدث انعكاسات صوت عواء الذئب الصوتية التي تتردد كصدى في الوادي وكأنه قادم من الكثير من الذئاب كما يتضح من استخدام كلمات الخليع المعيل، أي أن صوت الذئب الواحد (الخليع) يعود كأصوات “عياله” من الذئاب. لاحظ أن استخدام كلمة معيل يدل أيضا على تخافت الصوت مع مرور الصدى حيث أن مصراع الصوت من الذئب العيل أقل شدة من صوت أبيه الذئب. أما استخدام كلمة “قطعته” في هذا البيت، فيدل على ديناميكية الحركة ولأن ذلك جاء في سياق انتشار الصوت وانعكاسه ، فإن استعمالها هنا ضرب من العبقرية العلمية التي تدل على اكتشاف أمرؤ القيس للأثر المعروف بأثر دوبلر Doppler Effect. ولأن أثر دوبلر هذا لا يتم إلا في الظاهرة الموجية ، فنرى الآن جليا أن امرؤ القيس ، وفي جملة إعجازية واحدة قد تنبأ بموجية الصوت والصدى قبل أكثر من ألف وخمسمائة عام من اكتشاف الغرب لها. [ملاحظة :
نقطة كنت توقفت عندها ونسيتها لانشغالي بغيرها وتتمثل في ما يلي :
هل في صدر البيت إعجازعلمي؟
فأنا ممن يميلون إلى الرأي الذي يتحفظ كثيرا في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم و لا ارتاح لمثل هذه التفسيرات التي تسعى بكل جهد لمطابقة آيات القرآن الكريم الثابتة الخالدة مع الأفكار والنظريات العلمية المتغيرة ففي ذلك الكثير من المغامرة وأخشى أن يكون الأمر مخطط له وللقوم تجارب سابقة شبيهة في الموضوع قال جل ثناؤه : (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ) كما أن القرآن الكريم هو كتاب هداية وليس كتاب علوم وأبحاث طبيعية أو فلكية وان تضمن بعض قضاياها عرضا . و أولى بنا أن نهتم بالآيات الصريحة والكثيرة الداعية إلى النظر والتفكر في الكون والإنسان والمؤسسة لنظرة علمية للطبيعة بعيدة عن الخرافات , و الواضحة من خلال حديث القرآن الكريم عن الطبيعة المتنوعة والمنظمة والمصنفة والمتشابهة وغير المتشابهة والتي كل شيء فيها بميزان وبقدر وبحسبان وتسير وفق نواميس وقوانين لا تتغير ولا تتبدل وما على الإنسان إلا أن يسير فيها وينظر وفق الأهداف التي رسمها الله تعالى في القرآن وهي : أن يوصله ذلك إلى معرفة الله . وأن يستغلها وفق المعقول ووفق ما أنزل الله الذي سخر له كل ذلك باعتبار صفة الخلافة من جهة ومهمة تعمير الأرض من جهة ثانية . هذه النظرة العلمية للطبيعة هي الخلفية العقائدية التي أغضبت النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج أصحابه يوم مات ابنه إبراهيم مفسرين كسوف الشمس بحزنها مع النبي صلى الله عليه وسلم ـ ولو كان مدعيا حاشاه لأستغل الظرف ـ ولكنه صلى الله عليه وسلم كان مكلفا بالتبليغ فصحح لهم وقال: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ـ عز وجل ـ لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة) رواه البخاري ومسلم . ويمكن التوقف كثيرا عند كلمة (آيتان ) وما تعنيه من دقة الصنع والنظام و....مما يستدعي فعلا التوجه إلى الله . هذا عن موضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أما عن الإعجاز العلمي في الحديث فإن الموضوع يطول . ولكن أن يصل الأمر إلى الحديث عن الإعجاز العلمي في الشعر الجاهلي وتحديدا في شعر امرئ القيس ...!!!!! فالأمر يحتاج إلى التفكير بشكل جدي في إعادة ( الفلاش ) لعقولنا من جديد والرجوع فيها إلى (paramètres d'usine par défaut)
| |
|
| |
البختاوي سعودي عضو برونزي
عدد المساهمات : 200 نقاط : 251 تاريخ التسجيل : 14/01/2012
| موضوع: رفقا امريء القيس. الأربعاء أغسطس 29, 2012 8:27 pm | |
| الابيات مقتطفة من معلقة امريء القيس تنم عن تجربة تبدو ذات طبيعة درامية تتقابل فيها الأضداد متصارعة بين قبول ورفض، بين واقع مشهود وحلم مفقود ,في ذلك تشكل القصيدة، وهي تتكون من ثماني لوحات: 1 لوحة الطلل 2 لوحة اللهو والمجون 3 لوحة المرأة (فاطمة) 4 لوحة بيضة الخِدر 5 لوحة الليل 6 لوحة الذئب 7 لوحة الخيل (الفرس) 8 لوحة السيل
لما ناتي الى اللوحة السادسة : وَوَادٍ كجَوْفِ الْعَيرِ قَفْرٍ قطعْتُهُ بهِ الذئبُ يَعوي كالَخليعِ الُمعَيَّلِ اصل الكلام (قطعت واديا قفرا ً كجوف العير يعوي به الذئب...) لكنه لم يرد الإخبار , بل قصد أمورا , منها الاعتداد بنفسه باقتحام المخاطر , والأهوال فأجارى تحويلا في عناصرها:منه تقديم المفعول (واديا ) في بداية الكلام للاهتمام وإدخال (الواو) الدالة على (رب) المحذوفة التي تدل على تكثير الفعل في قطع الوديان وليست مرة واحدة , ثم تشبيه الواد كجوف العير لتبيين حال الوادي في الجذب والقطع، ثم زاد (قعرا ) لتوكيد المعنى وقدم (الذئب) للأهمية والأولوية عنده وأنه يقتحم الذئاب فلا يهاب لإثبات شجاعته أيضا ً وغير أن اعتداده بنفسه يتقاصر في البيت الذي يليه: - فقُلتُ لهُ لما عَوى: إِنَّ شأْنَنا قليلُ ألْغِنى إِنْ كنتَ لَّما تَموَّلِ جملة خبرية أكدها بـ(إنّ) لإزالة الشك في قلة الغنى عند كليهما , فإذا كنت – أيها الذئب – لم تُصِبْ من الغنى ما يكفيك فأنا لا أغني عنك , وأنت لا تغني عني شيئا ً لأنك لم تصب كذلك. وهذا ما يزيد من إحساس بالمرارة والأسى. ويتضح أكثر في قوله: - كِلانا إِذا ما نالَ شَيْئاً أَفاتَهُ وَمَنْ يْحترِث حَرْثي وحَرْثَك َيهْـزَلِ وفيه جملتان كلاهما شرطية فأما الأولى فأصلها (أفات كلانا ما يناله , ولكن الجملة بصيغتها هذه توحي بقطع الحدث , إنما قصد أن يحصر فعل (الفوات) في نيل الشيء ويستمر بالحدث فجاء بأسلوب الشرط ليتحقق ذلك المعنى. وأما الثانية فأراد أن يبين أن طلب الشيء منها يؤدي إلى الهزال فقال: من طلب مني ومنك لم يدرك زاده ومات هزالا ً لأنها كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد , وهنا يتفاقم الإحساس بالضياع والوحدة مداه. اخيرا اقول لكما :رفقا بامريء القيس قلا تقولاه اكثر مما قال و تحملاه واقعكما المرير و يكفيه ماهو فيه... | |
|
| |
mahi med عضو فضي
عدد المساهمات : 393 نقاط : 609 تاريخ التسجيل : 30/01/2012
| موضوع: ويعود السعد والبخت إلى البيت الشريف الأربعاء أغسطس 29, 2012 9:56 pm | |
| ياصاحب السعد والبخت .. تأخرت عنا كثيرا ولكم كانت فرحتي كبيرة بهذه العودةالسعيدة ويالها من فرحة ستكبر وتكبر لو يعود كل أفراد الخيمة. أخي من الذي يحمل الآخر همومه :امرؤ القيس ام نحن ؟ ألا ترى أنه ورغم البعد الزمني إلا أننا ما زلنا نحاول قراءته ولم نصل بعد إلى نقطة اتفاق.ويكفي أنه يجمعنا اليوم للنقاش. | |
|
| |
| التغذية الراجحة | |
|