هل يتعارض مبدأ المطالبة بالعدالة والإنصاف في الحقوق والواجبات مع مقتضيات الضمير ؟
إعادة طرح السؤال : هل ينتفي الضمير عند المطالبة بالإنصاف في الحقوق والواجبات ؟
شغلت العلاقة بين مطلب مراعاة العدل والإنصاف في الحقوق والواجبات بين الأفراد ومقتضيات الضمير بال العديد من المفكرين والفلاسفة قديما وحديثا
(أفلاطون ،أرسطو ,دافيد هيوم،روسو ،جون راولس) فمنهم من رأى أنه لا يمكن الجمع بين الاثنين فالمطالبة بالإنصاف في الحقوق والواجبات تضعف
من مقتضيات الضمير المتمثلة في حب الإيثار والتضحية والعفو ، وذلك لأن هذه المطالبة لا تتحقق دائما على أرض الواقع لاعتبارات موضوعية أحيانا
وذاتية أحيانا أخرى.
بينما يرى فريقا آخر منهم ،أنه لا تعارض ولا تناقض بين المبدأين وأن العلاقة بينهما هي علاقة تكامل وتوافق وانسجام فالمطالبة بإقامة العدل لا تضعف
الضمير بل تقويه، فقيم الوازع الذاتي التي سبق ذكرها في أطروحة الفريق الأول لا تقوى عند الإنسان الذي يشعر بالاحتقار والظلم باعتبارأن الناس
متفاوتون في درحة تحملهم بل هذه النوازع النفسية تجد أرضيتها الخصبة في النمو والبقاء والاستمرار لدى الإنسان الذي يعيش في كنف العدالة والإنصاف
و يشعر بالكرامة والاحترام ومن أهم أنواع العدل العدل الاجتماعي المتمثل في توزيع الثروة الطبيعية بين أفراد المجتمع الواحد بإنصاف فليس من العدل.
في شيء أن تستحوذ فئة معينة على هذه الثروة وتتصرف فيها دون رقيب أو حسيب وتخصص لنفسها امتيازات دون وجه حق على حساب فئات المجتمع
الأخرى قال أحدهم :"لا يغيظني أن أكون فقيرا ولكن أن يكون فقري مغلف بالظلم " ،فينشأ بذلك التفاوف الاجتماعي والطبقي، فئة تموت من التخمة وأخرى من الجوع ، فيسود الشعور بالاحتقار والظلم ،فلا يمكن في مثل هذا الوضع أن نطلب من المظلوم أن يتحلى بالضميرحتى تكف ونرفع عنه يد الظالم
المغتصب ، وما عدا ذلك لا يمكن أن يدخل إلا في باب الإستحماق والإستحمار .-من يعتقد الغباء في غيره فهو الغبي-.
فكيف لصانع الأجيال "المعلم " أن نستكثر عليه أجرة الكفاف والعفاف تحت شعارات سفسطائية"كلمة حق أريد بها باطل" :باسم الضمير المهني ،والقناعة كنز لا يفنى ،وزهد ورثة الأنبياء "رسالة المعلم" الخ....
بينما لا نستكثرها على غيره ممن ينتجون السلع المادية الاستهلاكية أو من لا ينتجون شيئا سوى الكلام "تشراك الفم"،انظر(1) إلى فلندا كيف أصبحت رائدة
في التعليم وتفوقت على مجموعة الدول العضوة في منظمة التجارة والتنمية الأوروبية والتي من بينها فرنسا ،فكيف تأتى لها ذلك :لقد تأتى لها ذلك من خلال
وضع المعلم في أعلى درجة في السلم الاجتماعي ماديا وأدبيا "يتقاضى المعلم في فلندا ألفي أورو أي ما يعادل 300.000الف دينار جزائري"
فأين نحن من فلندا وكوريا وغيرها ممن عرفت قدر المعلم ووفته التبجيل- تموت الأسد في الغابات جوعا ولحم الضأن يرمى للكلاب- لأنها أدركت أن مجدها بين يديه ودونه لن تقوم لها قيامة إلى بوم الدين.
فلا يصعب على الراصد للتغير الإجتماعي الحاصل في بلادنا في تفسير أسباب بعض أعراض(فوضى) مرضه
كالهجرة السرية؟
وهجرة المعلمين نحو المجالس (2) والبرلمان (بر الأمان والآمال)؟
(1)موقع المفتيشية العامة للبيداغوجية ، منتدى مادة الفلسفة ،أسرارنظام تربوي رائد عالميا
(2)أقصد المجالس البلدية والولائية.
الموضوع بندرج في فلسفة الواقع التربوي والإجتماعي في بلادنا
